يهدف هذا العمل إلى معالجة الخطاب المباشر والخطاب غير المباشر الواردين بصريًا في الرواية العربية، وذلك باختيار أنموذجين لروايتين عربيتين: الأولى لرجاء عالم وشادية عالم بعنوان «مسرى يا رقيب»، والأخرى لسعيد بن سعيد العلوي بعنوان «حبس قارة». يتحقق في الرواية الأولى مبدأ الخطاب البصري المنظور الذي يظهر في رواية رجاء عالم، باستثمار عشر لوحات فنية على المتلقي أن يقوم من خلالها بربط العمل البصري بالعمل الكتابي، ويقوم هذا الربط في دوائر البعد العجائبي والبعد الأسطوري تظهر هذه اللوحات كأنها من جانب تفسير لما يحاول قوله النص المكتوب، أو كأن النص المكتوب تفسير لما يصل هذا النص إليه، ويدفع هذا إلى الكشف عن مكونات عمل عالم، الذي يتسم بإغراقه في العتاقة، لكنه مفرط في حداثته. فجاءت عتاقته من استثمار البعدين العجائبي والأسطوري، وجاء حداثته باستناده إلى التشكيل البصري الذي امتد إلى محاولة التماس وتوظيف فراغات البياض، فسمح ذلك إلى دفع النص إلى إدخال المتلقي إلى استثمار ما وظف من الأدوات التعبيرية. أما العمل الآخر وهو عمل «حبس قارة»؛ إذ كان مستنداً إلى مسارين سرديين رئيسين، هما: المسار التاريخي /الأسطوري من جانب، والمسار السردي الرحلي من جانب آخر، ويمثل الأول منهما ما يرد عن أخبار حبس قارة، السجن الذي كان تحت مدينة مكناس، ويمثل المسار الآخر تلك الرحلة التي قام بها الفنان الفرنسي (اوجين دو لاكروا) مع السفير الفرنسي في القرن التاسع عشر إلى المغرب، وهو ما يشير إلى استثمار الخطاب البصري المشهور. ويمكن تصنيف هذه الرواية بأنها رواية متعددة المشارب، لم تكتفِ بتنوع مساراتها بل تعددت وجهات النظر فيها، التي لا تقدم الأحكام الإيجابية أو السلبية، ولكنها تميل إلى الوصول إلى التحليل العميق المقنع، تناولت الرواية أيضاً موضوع كشف جوانب من أخبار المهمشين في المجتمع المغربي خلال القرن الثامن عشر في أثناء حقبة السلطان مولاي إسماعيل، ومن أولئك أبناء الطائفتين اليهودية والمسيحية إلى جانب الأسرى والرقيق. رجاء عالم