تعد الشركات المساهمة المدرجة في السوق المالية أحد أهم الأوعية الاستثمارية القابلة لاستيعاب وتدوير الأموال لأغراض استثمارية، وكذلك تلعب هذه الكيانات دورا محوريا في نمو مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولهذا يشكل حسن اختيار أعضاء مجالس إدارتها انعكاسا لأهمية حجم المسؤولية الموكلة لهم، واستشعار لقدر الأمانة الملقاة على عاتقهم لتحقيق الدور المنشود منهم في إدارة هذه الشركات والمساهمة في تحسين أدائها، وفقا لما ورد من أحكام وآليات خاصة في نظام الشركات ولائحة حوكمة مجالس إدارة الشركات المساهمة والأنظمة الأساسية الخاصة بهذه الشركات، مما يعكس حداثة ومتانة منظومة التشريعات التجارية والمالية الوطنية باعتباره يعزز من عوامل الثقة في السوق المالية والاقتصاد الوطني. لكن المراقب لدور مجالس إدارات كثير من الشركات المساهمة اليوم يجد بعدها كل البعد عن أدبيات الدور المنوط بها والدور المتوقع منها باعتبارهم ينوبون عن المستثمرين، بتسخير تمثيلهم في مجالس إدارة هذه الشركات على الحضور الشرفي الذي لا يخدم مصلحة أداء واستراتيجيات هذه الشركات، وقصره على الوجاهة الاجتماعية وخدمة من هو محسوب عليهم، وتحقيق مصالح خاصة بتمرير مشاريع وعقود ذات علاقة بهم، وتمرير المكافآت الخاصة بحضورهم الهامشي وملء جيوبهم وتعظيم مكتسباتهم وحدهم على حساب أرباح الشركة وحقوق المساهمين، هذا فضلا عن تسببهم نتيجة غياب دورهم الرقابي في وقوع مخالفات يترتب عليها تعليق تداول أسهم هذه الشركات في السوق المالية وفرض غرامات باهظة عليها. بالطبع يقع اللوم بالدرجة الأولى على المساهمين أنفسهم لعدم حرصهم على حضور الجمعيات العمومية وممارسة حقهم القانوني والتصويت لحماية مصالحهم باعتبار هذه الجمعيات السلطة العليا في هذه الشركات، فالإحجام عن الحضور يترتب عليه اختيار أعضاء مجالس إدارات أقل كفاءة مما ينعكس على أداء هذه الشركات، بينما بممارسة هذا الحق يمكن عدم إعادة اختيارهم أو عزلهم متى كان أداؤهم لا يحقق الطموحات، أو عدم إجازة ما يطرح على جدول أعمال هذه الجمعيات من بنود متى كانت لا تسهم مباشرة في الارتقاء بأداء هذه الشركة، أو معاقبتهم بالاعتراض على المكافآت السنوية الخاصة بهم، أو عدم إبراء ذمتهم عن السنة المالية المنصرمة؛ ولا يصح التحجج بعدم جدوى الحضور والمشاركة في مناقشات هذه الجمعيات نتيجة سيطرة عدد من المساهمين أفرادا أو جهات على ملكية نسبة كبيرة من الأسهم، لأن ممارسة الحق النظامي بالحضور غير مقيد بملكية كمية معينة، وبالتالي يظل خيار المشاركة وتكرار تسجيل موقف بالتساؤل والرقابة على أعمال وتقارير الشركة كفيل بتحريك المياه الراكدة وإحداث التغيير المنشود وفرض التمثيل الكفء للمساهمين في مجالس إدارات هذه الشركات باعتباره مغرماً وليس مغنماً.