أعلن الكرملين أمس الجمعة أن القوات الروسية لم تستهدف مطلقًا البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، بعدما اتهمت كييف موسكو بالوقوف خلف هجوم صاروخي أدى إلى مقتل أكثر من 51 شخصًا الخميس، في قرية غروزا في الشرق. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، للصحافيين: "نكرر أن الجيش الروسي لا يضرب أهدافا مدنية، الضربات تشن على أهداف عسكرية، في أماكن يتركز فيها العسكريون". إلى ذلك شيّعت أوكرانيا أمس 51 شخصاً بينهم طفل، قضوا في قصف على قرية صغيرة في شرق البلاد، حيث تجمّعوا لحضور مراسم جنازة جندي، في واحدة من أكثر الهجمات دموية على المدنيين منذ بداية الغزو الروسي. وندد الرئيس فولوديمير زيلينسكي، المتواجد في إسبانيا لحضور اجتماع للزعماء الأوروبيين، ب"الهجوم الإرهابي غير الإنساني" الذي نفّذته روسيا، والذي أدانه أيضاً حلفاؤه الغربيون بشدة، فيما أشارت الأممالمتحدة من جانبها إلى "جريمة حرب" محتملة. كما قالت متحدثة باسم مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان الجمعة إنّ "كلّ شيء يشير" إلى أنّ صاروخاً روسياً هو الذي أصاب قرية غروزا الصغيرة في أوكرانيا، وأدى إلى مقتل العشرات. 23 إصابة في خاركيف من جهتها، أعلنت السلطات الأوكرانية صباح الجمعة أنّ قصفاً روسياً آخر أدى إلى مقتل طفل وإصابة 23 آخرين بجروح، بينهم رضيع يبلغ من العمر 11 شهراً، في مدينة خاركيف في المنطقة نفسها الواقعة في الشرق. وأعلنت كييف، أنّها أسقطت ليل الخميس الماضي 25 من أصل 33 طائرة مسيّرة، أطلقتها روسيا التي تشنّ هجمات ليلية يومية على أوكرانيا. وضرب الهجوم يوم الخميس غروزا، حيث كان المشيّعون في مقهى، كما سقط ضحايا بمتجرٍ في المبنى نفسه، في القرية التي يبلغ عدد سكانها 330 شخصاً، والواقعة في منطقة خاركيف. وقال وزير الداخلية إيغور كليمينكو: إنّ القصف دمّر متجراً ومقهى يقعان في المبنى نفسه بشكل كامل، وكان يتواجد فيه نحو ستين شخصاً، موضحاً أنّ الطفل الذي قُتل في القصف يبلغ من العمر ستة أعوام. وأعلن الحاكم الإقليمي أوليغ سينيغوبوف، الحداد هناك لمدة ثلاثة أيام، مديناً الهجوم الأكثر دموية في منطقة خاركيف منذ بداية الصراع. وأشار كليمينكو، إلى إن الأدلة الأولية أظهرت استخدام صاروخ إسكندر في الهجوم، وهو سلاح تملكه روسيا ولا يملكه الأوكرانيون. الأمر ذاته أشارت إليه إليزابيث ثروسيل خلال الإحاطة الدورية للأمم المتحدة في جنيف. وقالت "في هذه المرحلة، من الصعب للغاية بالطبع التثبت بشكل مطلق ممّا حدث، ولكن بالنظر إلى الموقع، وبالنظر إلى تعرّض المقهى للقصف، فإنّ كلّ شيء يشير إلى أنه كان صاروخاً روسياً"، مشدّدة على ضرورة مواصلة التحقيق. لن أعيش طويلاً بمفردي وفي غروزا، قالت مصادر صحفية أن جنوداً يرتدون قفازات زرقاء، وهم يضعون أكياساً بيضاء تحتوي على جثث هامدة في إحدى شاحناتهم واحدة تلو الأخرى. ورأى فولوديمير موخوفاتي، وهو قروي يبلغ من العمر 70 عاماً، جثة ابنه تُنتشل من تحت الأنقاض، وقال: "لقد تمّ إخراجه للتو بلا رأس، بلا ذراعين، بلا أرجل.. تمّ التعرّف عليه بفضل أوراق هويته ورخصة قيادته". ويأمل أن تكون زوجته وزوجة ابنه، اللتين لم يُعثر عليهما من بين المصابين الذين نقلتهم سيارات الإسعاف، لكنّه يعترف بأنّ "الأمل ضئيل". وقال "لن أعيش طويلاً بمفردي". فيما أعلن المسعفون انتهاء عملياتهم في الموقع، ليصل العدد النهائي للضحايا إلى 51 قتيلاً وستة جرحى. ومن بين ضحايا الهجوم، زوجة وابن الجندي الأوكراني الذي قُتل في المعارك وكان الضحايا يشاركون في تأبينه، وفقاً لمتحدث باسم النيابة العامة الإقليمية. وتقود روسيا حالياً هجوماً في منطقة كوبيانسك لمحاولة استعادة الأرض، وإعاقة الهجوم المضاد الأوكراني المستمر في الشرق والجنوب. وسيطرت القوات الروسية على مساحات واسعة من هذه المقاطعة منذ الأيام الأولى للهجوم، قبل أن تحرّر القوات الأوكرانية المنطقة بأكملها تقريباً خلال هجوم خاطف في خريف العام 2022. دعم الدفاع الجوي وقال زيلينسكي من إسبانيا: "لا يمكن حماية الناس من مثل هذه الهجمات إلا بدعم الدفاع الجوي"، مشيراً إلى تسليم نظام باتريوت أميركي جديد إلى كييف. وأضاف لاحقاً في المساء "سيكون لدينا المزيد من الدفاع المضاد للطائرات، إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا العظمى - شكرًا لكم!". بدورها، قالت منسّقة أوكرانيا في مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) دينيس براون إنها "شعرت بالفزع"، وأضافت في بيان "إنّ تنفيذ هجوم عمداً ضد مدنيين أو أهداف مدنية جريمة حرب". إلى ذلك قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار "يجب أن نستمر في دعم الشعب الأوكراني، لأن هذا هو الواقع الرهيب الذي يعيشه" يومياً، في وقت يحاول الرئيس جو بايدن تأمين موافقة الكونغرس على مساعدات إضافية لأوكرانيا. وأشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أنه "من خلال استهداف المدنيين الأوكرانيين عمداً، فإنّ روسيا ستكون مذنبة مرة أخرى بارتكاب فظائع تشكّل جرائم حرب".