هاجمت قوات الدعم السريع مقر القيادة العامة للجيش السوداني في وسط الخرطوم، حيث تصاعدت ألسنة اللهب من أبراج عدة في قلب العاصمة، وفق ما أفاد شهود. وقال سكان «تدور اشتباكات حول مقر قيادة الجيش تستخدم فيها جميع أنواع الأسلحة». وكان سكان في العاصمة أفادوا عن تجدد المعارك في محيط مقر القيادة العامة بعد هدوء لأسبوعين. وأدت هذه الاشتباكات الى اشتعال النيران في مبانٍ بوسط الخرطوم. وأكدت نوال محمد البالغة 44 عاما أن معارك أمس كانت «الأعنف منذ بداية الحرب». وعلى الرغم من أنها تقيم على بعد نحو ثلاثة كيلومترات من أقرب مناطق الاشتباك، تهتز نوافذ بيتها وأبوابه من جراء قوة الانفجارات. وأظهرت مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، ألسنة اللهب تلتهم مباني شهيرة أبرزها البرج الذي يضم مقر ومكاتب شركة النيل، أكبر شركات النفط في البلاد. ويعد المبنى ذو الواجهات الزجاجية والتصميم الهرميّ، من أبرز معالم العاصمة. وأظهرت المقاطع احتراقه بشكل شبه كامل، اذ غطّى اللون الأسود طبقاته مع تواصل تصاعد الدخان منه. من جانبه قال بدر الدين بابكر، المقيم في شرق العاصمة «من المحزن رؤية هذه المؤسسات تدمّر على هذا النحو». وتساءل «بعد كل هذا الدمار ماذا سيتبقى لهم لحكم البلاد؟». ومنذ اندلاع المعارك في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، في 15 إبريل، قُتل نحو 7500 شخص ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير، بينما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد. وفرّ نحو 2,8 مليون شخص من الخرطوم التي تشهد قصفا جويا وبالمدفعية الثقيلة وحرب شوارع في مناطق سكنية. وقال حاتم أحمد البالغ 53 عاما في تصريح لفرانس برس «وكأنهم يريدون تحويلها إلى مدينة رماد غير قابلة للسكن». ودمّر النزاع البنى التحتية الضعيفة أصلا، وتسبب بإغلاق 80 بالمئة من مستشفيات البلاد وأغرق ملايين الأشخاص في وضع أشبه بالمجاعة الحادة. وغطى الدخان الأسود الكثيف سماء العاصمة السودانية. وأظهرت صور تمّ تداولها على مواقع التواصل، تهشّم نوافذ مبانٍ عدة في وسط الخرطوم واختراق الرصاص لجدرانها. وقال شهود في حي مايو في جنوبالخرطوم إنهم «سمعوا دوي قصف مدفعي كثيف على مواقع قوات الدعم السريع في (منطقة) المدينة الرياضية» المجاورة. وسقط 51 قتيلا على الأقل الأسبوع الماضي في قصف استهدف سوقا في حي مايو، وفق الأممالمتحدة. كما ندّدت لجنة للمحامين مؤيدة للديموقراطية بسقوط عشرات القتلى المدنيين في المعارك المستمرة منذ الجمعة. وفي ولاية شمال كردفان (350 كيلومترا غرب العاصمة)، تبادل الجيش وقوات الدعم السريع القصف المدفعي، بحسب ما أفاد سكان. ومنذ اندلاع الحرب، وقعت أشد المعارك في الخرطوم وفي إقليم دارفور بغرب السودان، حيث شنت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها هجمات على أساس عرقي، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق جديد في جرائم حرب محتملة. وكان إقليم دارفور مطلع القرن الحالي مسرحا لنزاع دامٍ أوقع 300 ألف قتيل، وأدى إلى نزوح أكثر من 2,5 مليون سوداني، بحسب الأممالمتحدة.