حملت المملكة دوماً لواء السلام في المنطقة والعالم، وكانت قطباً ثابتاً في جهود الاستقرار والأمن والتنمية، إقليمياً ودولياً، ولم يكن دورها المحوري في اليمن إلا امتداداً لهذه الجهود المباركة لانتشال الأشقاء من جحيم الحرب ونيران الاقتتال الأهلي، حيث وقفت حائطاً صلباً أمام رياح التقسيم ومشروعات تفتيت الدولة العربية. وفي اليمن العزيز، كانت المملكة سباقة لإنقاذ البلد المنكوب من ويلات الحرب، ودعمت على الدوام كل جهود السلام والحوار لإنهاء هذه الحرب الدامية، وانطلاقاً من دورها الإنساني ورؤيتها المستقبلية للمنطقة والقائمة على إنهاء الأزمات، وتنقية الأجواء الضرورية لتحقيق السلام والأمن في المنطقة، وتعبيد الطرق اللازمة لينطلق قطار التنمية والرخاء في ربوع اليمن، يأتي استقبال المملكة لوفد حوثي ليمثل حلقة جديدة ومحورية نحو توفير أرضية صلبة لاستئناف الحوار اليمني - اليمني، وصولاً إلى تحقيق السلام المنشود، وإنهاء فصل مؤلم في تاريخ اليمن. منذ بدء الأزمة في اليمن تمسكت المملكة بموقفها الداعم للحل السياسي، مشددة على أن تحقيق السلام لا يمكن أن يتم إلا عبر المقاربات السياسية، وأن هذه المقاربة لا يمكن لها أن تتم إلا عبر الحوار والتوافق بين جميع المكونات اليمنية، دون استثناء لأحد، إدراكاً من السياسة السعودية بأن منطق القوة لا يمكن أن يفضي إلى أي استقرار أو حالة سلام دائم، ولذا فإن استضافة وفد يمثل المكون الحوثي يعد استكمالاً لجهود التنسيق التي تبذلها المملكة مع الأطراف اليمنية كافة، لتحقيق سلام شامل، وإخراج اليمن من أتون الحرب ومرحلة النزاعات إلى فضاء الأمن والاستقرار والرخاء لمواكبة مشروع النهضة الواعدة الذي تقوده المملكة في ظل رؤية 2030. إن أمام الأطراف اليمنية مسؤولية تاريخية وفرصة لا تعوض لإنقاذ بلادهم من هذه الحلقة الجهنمية، وحماية الشعب اليمني من أكلافها القاسية، نحو استعادة اليمن لوضعه الطبيعي بل وإشراع نوافذ مستقبل زاهر لكل اليمنيين عبر الدعوة الخليجية لإقامة مؤتمر لإعمار اليمن فور تحقيق تسوية شاملة وعادلة، الأمر الذي سيعجّل بطي الصفحة اليمنية القاتمة، ووضع اليمن على طريق الازدهار الذي يستحقه الشعب العزيز.