من المهم على المؤسسات الإعلامية والصحافية، وكليات وأقسام الإعلام في جامعاتنا السعودية، التنبه إلى شكل مسار «الصناعة الإعلامية» المستقبلي، والاستفادة من نتائج الدراسات المتعمقة التي تأخذ في الاعتبار تشكيلات الأسواق الإعلامية في مختلف دول العالم، حتى نبدأ من حيث انتهى الآخرون.. استمرارًا لتوجهات مقال الأسبوع المنصرم، الذي جاء بعنوان: "الصناعة الإخبارية والتغيرات المستقبلية"، المبني على نتائج تقرير الأخبار الرقمية للعام 2023، في أكثر من 46 سوقًا إعلامية في مختلف قارات العالم، أعود اليوم لتسليط الضوء على دراسة لمعهد رويترز لدراسة الصحافة بدعم من مبادرة أخبار غوغل، وهي بالمناسبة لا تقل أهمية عن سابقتها، حملت عنوان: "اتجاهات وتوقعات الصحافة والإعلام والتكنولوجيا 2023" والواقعة في 48 صفحة، والتي أشرف عليها "نيك نيومان"، وهو باحث مشارك أول في معهد رويترز لدراسة الصحافة، والمؤلف الرئيس لتقرير اتجاهات الأخبار الرقمية السنوي منذ العام 2012. ومستشار عالمي في الوسائط الرقمية، ويعمل بنشاط مع شركات الأخبار بشأن المنتج والجمهور والمحتوى، وهو بالمناسبة صحفي واستراتيجي رقمي لعب دورا رئيسا في تشكيل خدمات الإنترنت في BBC على مدى أكثر من عقد من الزمان. وقبل الخوض في التفاصيل، من المهم على المؤسسات الإعلامية والصحافية، وكليات وأقسام الإعلام في جامعاتنا السعودية، التنبه إلى شكل مسار "الصناعة الإعلامية" المستقبلي، والاستفادة من نتائج الدراسات المتعمقة التي تأخذ في الاعتبار تشكيلات الأسواق الإعلامية في مختلف دول العالم، حتى نبدأ من حيث انتهى الآخرون. ومن المُحددات العامة التي يستند عليها أن شبكات التواصل الاجتماعي من الجيل الأول مثل Facebook وTwitter ستكافح للاحتفاظ بالجماهير، فكبار السن باتوا يشعرون بالملل منها، ووسط هذا الاضطراب، يهاجر المستخدمون الأصغر سنًا إلى شبكات جديدة مثل TikTok، وكشفت التطورات غير العادية في مجال الذكاء الاصطناعي (AI) في العام 2022 عن فرص وتحديات أكثر إلحاحًا للصحافة، فهذه الخاصية ستُساعد الناشرين على تقديم المزيد من المعلومات بأقل التكاليف. الأمر المهم برأي الشخصي، أن المؤسسات الإخبارية التي لم تتبنّ التكنولوجيا الرقمية بشكل كامل، ستكون في وضع صعب للغاية في السنوات المقبلة، ولكن ليس الموضوع هنا مرتبطا بمدى اعتمادنا الرقمي، بل من خلال كيفية تحويل المحتوى الرقمي الخاص، إلى منتج يلبي توقعات الجمهور المتغيرة بسرعة كبيرة. تحت بند "كيف ينظر قادة الإعلام ل 2023؟"، كانت النتائج على النحو التالي: يشعر معظم الناشرون (72 %) بالقلق إزاء زيادة تجنب الأخبار، خاصة حول موضوعات المهمة والمحبطة، مثل: أوكرانيا، وتغير المناخ، في حين لا يشعر 12 % فقط بالقلق، بل يخططون لمواجهة ذلك من خلال المحتوى التوضيحي (94 %)، وتنسيقات الأسئلة والأجوبة (87 %)، والقصص الملهمة (66 %) التي تعتبر مهمة جدًا. ومن النتائج، يقول الناشرون إنهم سيولون اهتمامًا أقل بكثير لفيسبوك (-30 صافي النقاط) وتويتر (-28)، وسيبذلون مع ذلك المزيد من الجهد في جميع الشبكات التي تحظى بشعبية لدى الشباب، مثل: تيك توك (+63)، وانستغرام (+50) ويوتيوب (+47). وبحسب الدراسة، أدى الانهيار المحتمل لتويتر تحت إشراف إيلون ماسك إلى تركيز الأذهان على قيمته بالنسبة للصحفيين، ويقول نصف المشاركين في الاستطلاع (51 %) إن الخسارة المحتملة لتويتر أو إضعافه سيكون سيئًا للصحافة، لكن 17 % لديهم وجهة نظر أكثر إيجابية، من خلال تقليل الاعتماد على آراء نخبة غير تمثيلية ولكنها مسموعة، فيما برز موقع لينكدإن (42 %) باعتباره البديل الأكثر شعبية، يليه ماستودون (10 %)، وهو برنامج حُر ومفتوح المصدر لتشغيل خدمات الشبكات الاجتماعية ذاتية الاستضافة، يوفر ميزات التدوينات المصغرة المشابهة لخدمة تويتر. فعليًا لا يكفي مقال واحد، لترجمة نتائج التقرير، إلا أني أختم بهذه النتيجة التي ستعطينا أحد أشكال صحافتنا المقبلة، والمرتبطة بازدهار ما يعرف بشركة "الصحافة الفردية" التي بدأت على Substack وهي منصة أميركية عبر الإنترنت توفر خدمات النشر والدفع والتحليلات والتصميم لدعم النشرات الإخبارية للاشتراك.. دمتم بخير.