اليوم لا صوت يعلو فوق صوت زحمة الرياض .. حديث الناس والمديرين هو الزحمة والتأخر عن الدوام بسبب الزحمة والعصبية والنرفزة من الزحمة.. وكما يبدو سنخترع مصطلح نفسي جديد اسمة متلازمة زحمة الرياض !.. لأنه كما يبدو موضوع زحمة الرياض لا يمكن تفسيره كزحمة تقليدية عالمية يمكن حلها بالتوعية والوعظ والإرشادات والحملات المرورية التوعوية. هل المشكلة في اتساع وجودة الطرق؟ أو نزوح بشر من كوكب آخر فجأة مع بداية العودة للمدارس ؟ أم في درجة الحرارة ؟ أو في الإشارات المرورية ؟ أو في نوعية السيارات ؟ أو في دخول حجم كبير من السيارات الجديدة الى الرياض فجأة..الخ من التساؤلات التي لا تنتهي. اليوم أعتقد ان العامل السلوكي هو حجر الزاوية في تفاقم الزحمة وتراكمها .. فهذا العامل البشري للسلوك غير المنضبط لبعض قائدي المركبات جعل من الحبة قبة .. فمثل هذا السلوك يبدأ بشخص متجاوز لأنظمة وسلوكيات المرور ثم يتبعه ويقلده الآخرون من منطلق "خليك ذيب" فتتحول الزحمة المنطقية إلى "تزاحم " وتغيب العقلانية واحترام حقوق الآخر والأخلاق المرورية ليحل محلها فلسفة أنا وما بعدي الطوفان والأنانية والعدوانية .. وهنا يصبح الشارع ساحة لكشف نفسيات الناس ومشاكلهم الشخصية وبيئة طاردة متوترة كئيبة بدلا من كونه رحلة يومية روتينية فيها بعض المتعة وسماع ما يروق من بودكاست أو راديو وموسيقى. اليوم فئة "الصداقين" من قائدي المركبات يلتزمون بالمسارات المرورية وبأخلاقيات الدوارات وبالأولوية للقادم من الجهة الفلانية ومقتنعين بهذه التنظيمات والقوانين من منطلق الأخلاق واحترام حقوق الآخر ... ثم تأتي فئة النرجسيين المستهترين بتلك الفئة وقد قرروا عدم احترام الالتزام بالمسارات المرورية وبالدور واقتحام المسارات من أقصى اليمين وأقصى الشمال مما يسبب المزيد من تشتت الحركة المرورية والازدحام عند الإشارات المرورية ومداخل ومخارج الطرق. اليوم علم نفس المرور هو أحد فروع علم النفس الذي يدرس العلاقة بين العمليات النفسية وسلوك مستخدمي الطريق بشكل عام، ويهدف إلى تطبيق الجوانب النظرية لعلم النفس من أجل تحسين حركة المرور، وكذلك من خلال توجيه السلوكيات المرغوبة من خلال التعليم وتحفيز مستخدمي الطريق... ويميز علماء النفس المروريين بين ثلاثة دوافع لسلوك السائق: السلوك العقلاني أو المخطط، والسلوك الاندفاعي أو العاطفي، والسلوك المعتاد.... ويتم أيضًا تطبيق نظريات واسعة حول الإدراك، وعلم النفس الحسي والحركي والعصبي، في مجال علم نفس المرور... وتُستخدم دراسات عوامل مثل الانتباه والذاكرة والإدراك المكاني وقلة الخبرة والإجهاد والسكر والمحفزات المشتتة والغامضة والتعب والمهام الثانوية مثل المحادثات الهاتفية لفهم تجارب وأفعال مستخدمي الطريق والتحقيق فيها. اليوم لن يجدي الحل لتعديل مثل تلك السلوكيات بالمزيد من الشعارات التوعوية فلو أنها مفيدة لمنعت المدخنين من التدخين ولكن العقاب من خلال نشر الكاميرات المرورية التي ترصد مثل هذه السلوكيات فوجود الكاميرات حتى وإن كانت صورية تعدل من سلوك البشر وتردع المتجاوزين لوجود ارتباط شرطي نفسي بين الكاميرا والعقاب والمحاسبة والغرامات .. وهي وسيلة أيضا لدراسة تصرفات وسلوك البشر الفردي والجماعي.