وصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الى مدينة سوتشي الروسية المطلة على البحر الأحمر للقاء نظيره فلاديمير بوتين، في محاولة إضافية لإحياء اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية عبر الممر المائي الحيوي. وأكدت وكالة أنباء الأناضول الرسمية وصول أردوغان، على رأس وفد يضم وزراء الدفاع والخارجية والطاقة والمالية. ويتوقع أن يدلي أردوغان بتصريحات مقتضبة قبل بدء لقائه مع بوتين، وهو الأول بينهما منذ أكتوبر، قبل أن يعقد الرئيسان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، وفق الرئاسة التركية. ويأتي اللقاء في وقت تسعى كييف لتحقيق اختراقات إضافية على الجبهة الجنوبية ضمن هجوم مضاد تشنه منذ أشهر، ووسط توتر متزايد في منطقة البحر الأسود أعقب إنهاء روسيا العمل باتفاق أتاح تصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر بحري آمن، مشترطة أخذ مصالحها في الاعتبار لإعادة العمل به. وسمحت الاتفاقية التي تمّ التوصل إليها في صيف 2022 برعاية تركيا والأمم المتحدة، بتصدير الحبوب من أوكرانيا وتهدئة المخاوف عالمياً حيال ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وتأمل تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، في إحياء الاتفاق بشكل يؤسس لمفاوضات سلام أكثر شمولا بين موسكو وكييف، معوّلة على العلاقة بين بوتين وأردوغان التي بقيت وثيقة رغم الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. وقال أردوغان، الشهر الماضي "تتواصل اتصالاتنا من أجل إعادة تنفيذ المبادرة التي تم تعليقها اعتبارًا من 17 يوليو وتوسيع نطاقها". وأضاف في تصريحات أوردها الموقع الالكتروني للرئاسة التركية بالعربية "بمشيئة الله تعالى سنتمكن من إيجاد أرضية مشتركة بشأن هذه المسألة. لا شك في أن حل هذه المشكلة دون مزيد من العقبات يتوقف على الوفاء بالوعود التي قطعتها الدول الغربية. لكن مع الأسف الشديد لم يتم مراعاة الوفاء بالعهد في الفترة السابقة". واعتبر بوتين في تصريحات سابقة، أنه لم يتم الالتزام ببنود الاتفاقية لناحية السماح لروسيا بتصدير الأسمدة والمنتجات الزراعية، معتبرا أن دول الغرب التي تفرض عقوبات على روسيا منذ بدء الغزو، سعت لاستغلال الاتفاقية لأغراض "الابتزاز السياسي". وجمعت علاقة خاصة بين الرئيسين اللذين يحكم كل منهما بلاده منذ زهاء عقدين. ونجحت أنقرة منذ بدء الحرب في الحفاظ على توازن في علاقاتها بموسكو وكييف. وسمح قرار بوتين بخفض وتأجيل سداد دفعات تركيا لقاء واردات الغاز الروسي، بتجنيب أنقرة تداعيات إضافية لأزمة اقتصادية، ما ساهم في فوز أردوغان بولاية جديدة في مايو. من جهتها، رفضت تركيا الالتحاق بركب العقوبات على روسيا وبقيت منفذاً رئيسياً لها في مجال السلع والغذاء. لكن أرودغان، حافظ على شعرة معاوية مع أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي، من خلال تزويدها بأسلحة ومعدات أبرزها الطائرات المسيّرة التركية الصنع، ودعم طموحاتها للانضمام الى حلف الناتو. وأثارت تركيا غضب الكرملين في يوليو حين عاد زيلينسكي منها ومعه خمسة من قادة "كتيبة آزوف" التي تصنّفها موسكو "أرهابية"، في خرق لاتفاق كان يقضي ببقائهم حيث هم. على رغم ذلك، تبدو تركيا حالياً الطرف الوحيد القادر على التحدث مع روسياوأوكرانيا بشأن إحياء اتفاقية الحبوب لاسيما مع اقتراب موسم الحصاد. ضمانات لروسيا ومنذ انتهاء العمل بالاتفاقية، صعّد طرفا النزاع من هجماتهما في البحر الأسود. وحذّرت موسكو من أنها ستعتبر أي سفينة تبحر من أوكرانيا أو إليها هدفاً عسكرياً محتملاً. وباتت كييف تعتمد إجمالاً على الطرق البرية ومرفأ نهري غير عميق ما يحد كثيراً من كميات الحبوب المصدرة، لكنها لجأت أيضاً إلى ممر جديد عبر البحر الأسود رغم التهديد الروسي. وأعلنت أوكرانيا هذا الأسبوع أن أربع سفن شحن إضافية أبحرت عبر الممر الذي يتفادى بمعظمه المياه الدولية ويبقى ضمن نطاق سيطرة دول منضوية في حلف الأطلسي، ما يجعل السفن التي تستخدمه أقل عرضة لاستهداف روسي محتمل. والأحد، بحث زيلينسكي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون "عمل" هذا الممر. وكثّفت موسكو هجماتها على منطقتي أوديسا وميكولايف حيث موانئ ومنشآت لتصدير الحبوب منذ انهيار الاتفاقية المبرمة برعاية تركيا والأمم المتحدة. وزار وزير الخارجية التركي هاكان فيدان موسكو الأسبوع الماضي للتحضير لزيارة أردوغان ولقائه ببوتين. وأكد فيدان أهمية إعادة العمل بالاتفاقية، بينما طالب نظيره الروسي سيرغي لافروف بالحصول على "ضمانات". وقال فيدان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره "كررنا قناعتنا بأن استئناف الاتفاق سيتيح إعادة الاستقرار". وأوضح لافروف أن بلاده لن تكتفي ب"وعود" بالنسبة الى صادراتها الزراعية، بل تريد "ضمانات مع نتيجة ملموسة" تدخل حيّز التنفيذ سريعاً. وقال "في حال كهذه، سيستأنف تنفيذ (الاتفاق) برمته اعتباراً من الغد"، متهماً الغربيين ب"التدخل" في موضوع صادرات روسيا من المنتجات الزراعية والأسمدة، علما أنها منتج عالمي رئيسي مثل أوكرانيا.