محاكاة القدرات الذهنية والبحث عن التفرّد التعبيري هو النقطة الفاصلة ببين الإنسان العادي في اعتماد تقنية الذكاء الاصطناعي وبين فنان محترف وفاعل متمكّن يعرف تماماً أن للفكرة صورة وأن للصوت انفعالات مشهدية وحسية ومادية، قادرة على التواصل مع البيئة والمحيط مع الاستعداد الكامل لأن تظهر بشكل يعكس الهوية الأولى للأرض. فلسفة بصرية حدد تفاصيلها الفنان عبيد الصافي، الذي يعدّ فناناً معاصراً وباحثاً في مجاله الفني عن عمق الصورة والحركة والفيديو وعلوم التردد الصوتي حيث يعتمد في تجريبها على إتقانه لعلوم الكمبيوتر، الذي طوّر تجربته الرقمية وشغفه الحسي والفني والبصري لينفّذه عبر تقنية الذكاء الاصطناعي حتى يقدّم أفكاره المختلفة عن طبيعة الوجود والإنسان والأرض والانتماء والبقاء والحياة والطبيعة وظواهرها. «الخلوج « عمل تركيبي - نموذج ثلاثي الأبعاد، شاشة 65 انش ومجسم ب 15 * 21 * 16 سم، يعرض الآن في معرض من الأرض المنظم من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي - إثراء بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، بهذا العمل طوّع الصافي بالتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي الفكرة وهو يفكّك ذبذبات صوت الناقة في الصحراء بعد فقدان «حوارها» وليدها، ويترجم بها أحاسيسه ومشهدياته الحالمة التي ساعدته على تقديم سلسلة أفكاره بشكل معاصر، فالعمل «الخلوج» المنفّذ بالاعتماد على خوارزمية الذكاء الاصطناعي، حوّل الصوت إلى منحوتة مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد. عمل يحتاج إلى الكثير من التأمل والبساطة والانعكاس الحسي القادر على حمل المتلقي مرة أخرى إلى تخيّل الصوت فتلك العملية التجاذبية برع في تركيبها الصافي بشكل متبادل لا يفصل الشكل عن التردّد الصوتي ولا يفصل المتلقي عن محيطه وطبيعته وأرضه، فقد تمكّن الصافي من تجسيد الألم من عنصر مسموع إلى عنصر مرئي مادي لا يقف عند فكرة واحدة وصورة واحدة ولا يكتفي بتجسيد الألم بل يعيد ذاكرة الانتماء إلى عوالم الأرض وتفاصيل التشبث بالبقاء. الصافي أحد المؤسسين لأستديو وسم في الدرعية، هذه الأيام يشارك في إقامة فنية في كوريا، شارك ونفذ العديد من الأعمال الفنية المحلية والدولية، يمزج بين معرفته التكنولوجية ومخرجاته الإبداعية من خلال تجربة الوسائط الجديدة، مثل الفيديو والتركيبات التفاعلية. تجمع أعماله في كثير من الأحيان بين التصوير الفوتوغرافي والشعر والأدب العربي، ويبحث الصافي في منهجه العلمي في عمليته الإبداعية في صفات الغيب أو الجوانب غير المرئية من الحياة، ويهدف إلى تتبع التأثيرات المختلفة والعميقة في كثير من الأحيان على البيئة المرئية والحقائق المادية، يقول: «تستكشف مشاريعي الحالية كيف يمكن للجمال والتجارب الجمالية أن تعطي بداية جديدة لكيفية تفكيرنا في التقنيات الجديدة. هذا المشروع، الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، هو عودة إلى جذوري وكيف تنتج التكنولوجيا الجمال وتصنعه». عبيد الصافي