تعزز التحديات العالمية الملحة والمتنامية المخاطر التي تتعرض لها الأعمال، وبالنظر إلى الأمور نظرة إيجابية، يمكن للشركات أن تتبنى منظوراً يجعل من هذه التحديات فرصاً سانحة لتمهيد الطريق إلى مستقبل يشمل الجميع. وبالعودة إلى بداية انطلاق مجموعة العشرين ومجموعة تواصل الأعمال (B20) المنبثقة منها، نجد أن مجتمع الأعمال اقتنص العديد من هذه الفرص بتقديمه ابتكارات تعاونية عادت بالفائدة علينا جميعاً في صورة نمو اقتصادي. واليوم، تواصل مجموعة الأعمال أداء دور حاسم داخل مجموعة العشرين لتعزيز النمو، وإثراء الحوار بين قادة العالم وممثلي القطاع الخاص، كما هو الحال هنا في الهند. هذا السجل الحافل يشعرني بالفخر لأنني عضو في مجتمع الأعمال، خاصة أنني أقود وفداً من زملائي قادة الأعمال السعوديين والسعوديات إلى منتدى مجموعة تواصل الأعمال في الهند، وتأتي مشاركتنا تعزيزاً لإرث المملكة المتمثل في رئاسة المجموعة في العام 2020م، الذي قاده الرئيس التنفيذي السابق في (سابك) إبان تفشي جائحة (كوفيد 19). وبصفتي رئيساً لوفد مجتمع الأعمال السعودي المشارك في منتدى (B20)، فإنني أتحمل مسؤولية لا تقتصر على مواءمة المصالح التجارية للمملكة مع مصالح نظرائها من دول المجموعة، بل تشمل الإسهام بدور فاعل في تحديد معالم الحوار بشأن قطاع الأعمال العالمي مع قادة الصناعة من جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق النمو الاقتصادي المستدام. تهدف مجموعة تواصل الأعمال في الهند إلى التركيز على خمسة بنود متميزة ومناقشتها في منتدى هذا العام؛ وهي المسؤولية، وتسريع الإنجاز، والابتكار، والاستدامة، وممارسات الأعمال العادلة، وفي الوقت الذي تهدد فيه التحديات العالمية القطاعين العام والخاص، تعد اجتماعات المجموعة فرصة حاسمة للمملكة العربية السعودية لمد جسور التعاون مع مجتمع الأعمال العالمي. علاوة على ذلك، فإن المشاركة في هذه الحوارات وقيادتها تتيح لنا الفرصة لترسيخ حضور المملكة وإيصال صوتها لقيادات الأعمال العالمية. تسعى المملكة العربية السعودية، جنباً إلى جنب مع مجتمع الأعمال العالمي، نحو هدف مشترك يتمثل في بناء اقتصادات مستدامة وشاملة ومتنوعة تعود بالنفع على الأجيال القادمة، وتنشد المملكة من هذا التعاون سبلاً جديدة لتقديم الحلول التي توفر بيئة نقية وصحية يعززها مفهوم الاستدامة، وفي ظل التحول السريع غير المسبوق الذي يشهده العالم، فإننا نعول كثيراً على الابتكار لتمكيننا من تأمين أعمالنا واستدامة باقة منتجاتنا؛ الأمر الذي بدوره يجعلنا نواكب هذه التغييرات الكبيرة، بل ونستبقها في بعض الأحيان. بالتأكيد لن نحمل هذه المسؤولية على عاتقنا وحدنا، إذ يتطلب الأمر تعاوناً وثيقاً بين القطاعين العام والخاص؛ ما يجعل المواءمة والتنسيق بين مجموعة العشرين ومجموعة تواصل الأعمال (B20) أمراً بالغ الأهمية. إن دورنا في قيادة الأعمال لا يقتصر على مواجهة تحديات الصناعة فحسب، بل يحتم علينا التعامل مع القضايا الأشمل التي يمكن أن تؤثر على العمليات الحالية والمستقبلية، فعوضاً عن مجرد العمل على تعزيز قدرتنا على مقاومة العوامل المؤثرة على الأعمال أو تجنبها، ينبغي علينا الاتجاه بدلاً من ذلك نحو تطوير الطريقة التي نفكر بها وندير الأعمال من خلالها وبأسلوب أكثر مرونة، إذ لم يعد الأمر يقف عند مجرد انتظار التحدي التالي -سواء كان متعلقاً بالمناخ أو الاقتصاد أو الصحة- والاستجابة له عند حدوثه، بل يتخطاه إلى الاستعداد لاستباق هذه التحديات عن طريق قيادة صناعاتنا للتحول من رد الفعل إلى استعداد المؤسسات بباقات من الحلول الجاهزة للتطبيق فوراً. وفضلاً عن ذلك، يجب علينا الاعتراف بأهمية وضرورة الابتكار وتقديم حلول مستدامة للاقتصادات الناشئة، الأمر الذي يُشكل أهمية كبرى بالنسبة للازدهار المحلي والعالمي، فتبني الابتكار ضمن إطار مستدام لا يُمثل فقط خياراً استراتيجياً، بل يُعد التزاماً واجباً لضمان التنمية العادلة التي تحفظ البيئة للأجيال القادمة. إن التعاون بين المملكة والعديد من دول مجموعة تواصل الأعمال، بما فيها الهند، يسمح لنا بتطوير حلول متقدمة لبعض من أهم القضايا الملحة التي تواجه مجتمعاتنا وصناعاتنا اليوم، والتي تُعد من أبرزها الاستدامة والتقنية. فعلى سبيل المثال، يركز مركز (سابك) التقني في بنغالورو على الاستفادة من الإمكانات البحثية المحلية في الهند لتطوير حلول لا يقتصر نفعها على الهند فقط، بل يمتد ليشمل مناطق أخرى حول العالم. إن انعقاد منتدى مجموعة تواصل الأعمال في الهند يمثل فرصة مهمة لتعزيز الابتكار وإحداث التغيير، فضلاً عن تعزيز التعاون بين الأطراف المشاركة، فمن الممكن إقامة شراكات قوية مع المحافظة على الميزة التنافسية، وفي الواقع، ونظراً لحجم القضايا التي نواجهها اليوم، فإن الأمر يُعد ضرورة ملحة. لقد تبنت شركتي، ومعظم المؤسسات المشاركة، الابتكار التعاوني، الذي يسمح لنا بالبقاء في قائمة الشركات الذكية في عالم يتسم بالتغيير المستمر، والأهم من ذلك، أنه يتيح لنا أن نظل في طليعة أرباب العمل الذين ترغب أفضل المواهب العمل لديهم، ونواصل العمل لتقديم قيمة ملموسة لجميع الجهات ذات العلاقة، مع الحفاظ على شراكات ناجحة.ومع اجتماع قادة الاقتصاد العالمي في الهند، بات من الضروري التأكيد على أن جهودنا الجماعية يجب أن تمتد إلى ما بعد هذه القمة، يجب أن تظل الشراكات التي تم تشكيلها والأفكار المكتسبة خلال هذا الاجتماع في طليعة اهتماماتنا، لأنها ستوجه بلا شك استراتيجياتنا ومبادراتنا في السنوات المقبلة حتى نتمكن من مواصلة التعاون والابتكار والنمو. ومن خلال ذلك فقط، سنكون قادرين على تعزيز دورنا في مجتمع الأعمال العالمي. *رئيس وفد قادة أعمال المملكة في مجموعة تواصل الأعمال (B20)، الرئيس التنفيذي لشركة (سابك).