تؤكد استراتيجية كاوست الجديدة التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس أمناء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، دعم القيادة الرشيدة للتعليم من خلال تمكين الجامعات السعودية وتعزيز دورها العلمي والابتكاري، وتمكين الباحثين السعوديين من الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، بما يحقق مستهدفات الرؤية 2030. بأن تكون المملكة في المراكز الأولى في سباق البحث العلمي إقليميا وعالميا. ويشكِّل البحث العلمي واحداً من أبرز العناصر التي تعوّل عليها «رؤية المملكة 2030» الهادفة إلى نقل الاقتصاد الوطني من الاعتماد على النفط، والتحوُّل إلى الاقتصاد المعرفي، في استثمار طويل الأمد يهدف لبناء اقتصاد قائم على الابتكار بما يحقق استدامة النمو الاقتصادي والمنافسة العالمية بصناعات جديدة وخلاقة. واستهدفت الأولويات الرئيسة التي تبنتها المملكة التركيز على تطوير البحث العلمي والابتكار في أربعة مجالات رئيسة تتمثل في صحة الإنسان، واستدامة البيئة والاحتياجات الأساسية، والريادة في الطاقة والصناعة، واقتصادات المستقبل، بما يُعزز من تنافسية المملكة عالميًا وريادتها؛ ويتماشى مع توجُّهات رؤية المملكة 2030 وتعزيز مكانتها كأكبر اقتصاد في المنطقة. وتبنت تطلُّعات طموحة لتطوير قطاع البحث والتطوير والابتكار، لتصبح المملكة من رواد الابتكار في العالم، مستهدفة وصول الإنفاق السنوي على القطاع إلى 2.5 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2040 من خلال إضافة 60 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2040، واستحداث آلاف الوظائف النوعية عالية القيمة في العلوم والتقنية والابتكار. وخلال السنوات القليلة الماضية حققت المملكة قفزات كبرى في البحث العلمي والابتكار، حيث تصدّرت قائمة الدول العربية، وحلت في المرتبة ال 30 عالمياً في مؤشر «نيتشر» البريطاني لتقييم الدول والجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة لعام 2022 في جودة الأبحاث العلمية. وجاء ترتيب المملكة من واقع البيانات التي تعتمدها المجلة بالاستناد إلى النشر العلمي في أفضل 82 مجلة علمية عالمية، حيث وصل عدد المنشورات السعودية في هذه المجلات إلى 448 بحثاً، كما أدرجت نيتشر في جداولها لهذا العام 26 جامعة سعودية مقارنة ب16 جامعة فقط في عام 2018. ويأتي هذا الإنجاز نتيجةً لتوجهات القيادة الحكيمة للعمل وفق رؤية طموحة قائمة على الخطط المستقبلية، التي تعزز من مواءمة توجيه الأبحاث والابتكار مع الاحتياجات الوطنية والقطاع الصناعي، وذلك بالتركيز على الابتكار في التقنيات المتطورة، وفي ريادة الأعمال نحو التحوّل من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد قائم على الابتكار. وكانت وزارة التعليم قد واصلت دعمها لعملية تمويل الأبحاث والابتكار، وذلك برعاية المراكز البحثية المتقدمة في الجامعات وإطلاق المبادرات لتسريع إنجاز مشاريع الجامعات البحثية، مثل برنامج التمويل المؤسسي، وذلك لدعم دور الجامعات في تطوير الأدوات العلمية والابتكارية والتقنيات الحديثة، من خلال منظومة البحث والابتكار، وإبطاء وتيرة التراجع في الإنتاج البحثي للعام الماضي برغم التحديات والقيود التي فرضتها جائحة «كوفيد 19». يذكر أن تركز الاستراتيجية الجديدة على زيادة فرص تحويل الأبحاث إلى ابتكارات ذات مردود اقتصادي؛ ويشمل ذلك ثلاث مبادرات رئيسة، وهي: إطلاق معهد التحول الوطني للبحوث التطبيقية (NTI)، وإعادة تنظيم معاهد الأبحاث في الجامعة بما يتماشى مع الأولويات الوطنية للبحث والتطوير والابتكار، وتأسيس صندوق الابتكار التقني العميق (DTIF) بميزانية تقدر ب 750 مليون ريال، ويهدف الصندوق إلى الاستثمار المبكر في الشركات المحلية والعالمية المتخصصة في التقنية الفائقة، بما يعزز التنوع الاقتصادي ويسهم في توليد الوظائف التقنية النوعية. كما تهدف الاستراتيجية إلى توفير فرص نوعية للباحثين وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وتمكينهم من تطبيق العلوم والبحوث، لإحداث أثر عالمي مستدام من خلال تعزيز الشراكات الدولية والمحلية، ومن أهم المبادرات الناتجة عن هذه الشراكات؛ «مبادرة كاوست لإحياء الشعاب المرجانية بالشراكة» مع «نيوم»، للعمل على زراعة وإعادة إحياء مئات الآلاف من الشعاب المرجانية على مساحة 100 هكتار، في جزيرة شوشة بالبحر الأحمر، إضافة إلى استمرار التعاون مع كبرى الشركات في المملكة والعالم مثل: أرامكو، وسابك، وأكوا باور، وآي بي إم، وداو، وبوينغ. ومن أبرز مبادرات الاستراتيجية تعزيز الشراكات الدولية، وتنمية أُطر التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الرائدة وروّاد التقنية في العالم، مثل: إبرام اتفاقيات تعاون استراتيجية مع الشركات الرائدة في مدينة شينزين الصينية، للعمل على أبحاث تطبيقية في مجالات متقدمة مثل الفضاء والروبوتات والإلكترونيات الدقيقة. وتستند الاستراتيجية على إرث «كاوست» ومكانتها الأكاديمية العالمية، حيث احتلت الجامعة المرتبة الأولى عالمياً من حيث «الاقتباسات لكل عضو هيئة التدريس»، وفقاً لتصنيف (QS) لعام 2021م، فيما يُضمّن الإنتاج البحثي للجامعة في أهم 25 % من المجلات العلمية الأعلى تصنيفاً على مستوى العالم، وبحصة أكبر من مثيلاتها من الجامعات العريقة، ويوجد خريجو «كاوست» اليوم في مجموعة من كبرى الشركات العالمية والمؤسسات العلمية ومراكز الأبحاث، كرؤساء تنفيذيين وباحثين، مثل وكالة ناسا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ونيوم، وجهات أخرى.