يُعايش كل فنان تشكيلي على أرض المملكة كل فكرة وطريقة يقدم فيها منجزه الفني، وتمضي خيالاته جمالياً حتى تقدّم بعمق وتفاصيل تترتّب في الهوية والأصالة والانتماء، كما هو في تقديم الفنانة التشكيلية فاطمة النمر في تجاربها الفنية من خلال تعلقها بهويتها وتراثها وسردياتها البصرية التي تعيد انبعاثها بأكثر ثقة وتأمل. تبدو تجربة النمر متكاملة بالتجريب الذي يحملها إلى أقاصي حسّها الجمالي، حيث يحكي تراث المملكة بأسلوب معاصر، فدورها في مزج الخامة بين الكولاج والإكريليك وتطويع الفوتوغرافيا برؤى تجريبية لافتة كان له وقع تفاعلي، فبين الماضي والحاضر وتطلعات المستقبل كانت الحكاية الشعبية بتفاصيلها وأساطيرها وخيالاتها المثيرة تقدّمها بشكل متميّز في تلك التأملات والملامح المنتمية لأرضها. العمل الفني "سجادة ذات النورين"، 140 * 180 سم، "جلد صناعي، قماش، ورق الذهب، طباعة حريرية"، المعروض حالياً في معرض من الأرض الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي -إثراء بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، لم تكتفِ في عملها بالخامة القماش السجاد بل تجاوزت الموروث إلى المحكي المحاك مع الخيال السردي لحكايات جدّتها، فلم تترك الفراغ لذاكرتها المشحونة بالحنين إلا لتعبّر وتنطلق. فهي في تسلسلها السردي داخل العمل لم تحاك خيالاً واحداً بل عدّة أخيلة تبدأ من عالمها وتنتهي عند عوالم المتلقي، وبالتالي فهي تستجمع مع الحكاية أساطيرها لتضع مسارها الذهني في علاقة مستمرة بين الفكرة والأسطورة والطبيعة والخيال الناضج المجدي والمثير لدرجات الوعي الذهني والحسي الذي قد يساعد المتلقي على السفر والتحوّل عبر الأزمة والأمكنة والأخيلة، من خلال كل ما يتعلق بها معا فيربط فكرة الإنسانية والطبيعة والعدالة بالأنثى والحياة والبقاء. فالنمر التي يعرض لها أيضاً عمل "وصفير" في معهد مسك للفنون في الرياض، تستعد لمشاركات دولية قادمة في دبي ومسقط والرياض كمعارض جماعي، وهي أيضاً قدمت معارض شخصية في الرياضوجدة والخبر ومشاركات جماعية عديدة في "السويد، لندن، الهند، فرنسا، الإمارات" بالإضافة إلى مشاركات المتاحف العالمية، وحاصلة على عدة جوائز أهمها الجائزة الأولى في المعرض السعودي المعاصر، لتضيف "ملتزمة بأسلوبي المعتاد مؤخراً الذي تطغى الصورة على العمل وتحرّك دورها في اللوحة حسب المفهوم وهو ما منحها خصوصية وتميّزاً عرفت به"، كما تطمح دائماً لتقديم كل ما هو مختلف وجديد بعالم الفن وتوثيق التاريخ بصور مختلفه تحاكي عصرنا الحالي.