في عام 1997، عاد ستيف جوبز لشركة أبل وهي على حافة الإفلاس بطلب مجلس إدارة الشركة لإدراكهم بفداحة الخطأ الذي ارتكبوه بطلبهم منه مغادرة الشركة في وقت سابق. عاد جوبز بعد تكبد الشركة خسائر تقدر بقيمة 1 مليار دولار في العام السابق. كانت مهمة ستيف جوبز لإنقاذ الشركة مهمة أسطورية وكان السلاح الأهم هو بناء سمعة جديدة للشركة بالاعتماد على قدراته الاتصالية مع الرأي العام. برز ستيف جوبز في أول ظهور علني له بعد عودته، كانت علامته التجارية الشخصية (Personal Branding) تتمحور حول الإبداع والابتكار والحقيقة أن طريقة ظهوره وحديثه ملهمة وقدمت للجمهور العام صورة ناصعة للأمل والتوجه الجديد وسط الأزمة، ولم يكن مظهره الخارجي استثناء، بل كانت ملابسه الأيقونية البسيطة والخارجة عن المألوف لقيادات المنظمات تعبيرًا بصريًا قوياً لعلامته الشخصية لتعكس رؤية جديدة للشركة وإعطاء إيحاء عالٍ على توجهه للإبداع والابتكار وأنها مرحلة جديدة في مسيرة الشركة. فهم جوبز قوة التواصل الفعال، واستخدم في أول ظهور علني له السرد القصصي ليأسر الجمهور ويثير الترقب لمستقبل الشركة. كان أول منتج كبير يتم إطلاقه تحت قيادته هو آي ماك في عام 1998. لم يقدم جوبز منتجًا جديدًا فحسب، بل قدم رؤية لمستقبل الحوسبة، مقدمًا حالة مقنعة بأن أبل لا تزال قوة إبداعية وابتكارية في قطاع التقنية. كان لحضوره الطاغي أثر كبير على مبيعات المنتج حيث تم بيع حوالي 800,000 وحدة في الأشهر الخمسة الأولى. وهذا لم يعزز فقط إيرادات الشركة، بل كان أيضًا دليلًا عمليًا على قدرة الشركة على الابتكار ومن ثم توالت المنتجات وتعزز ولاء العملاء للشركة للدرجة التي كان العملاء يقفون بانتظام قبل فتح متاجر الشركة لشراء منتج جديد، والسبب الرئيس لهذا الناجح الباهر هو العلامة الشخصية التي بناها ستيف جوبز لنفسه كقائد للشركة والتي انعكست بشكل كبير على مبيعات الشركة وتشوق الجمهور لكل ظهور إعلامي لستيف جوبز والذي غالباً ما يكون مقنناً مع إطلاق منتجات جديدة. ما حدث لشركة أبل في ظل فترة قيادة ستيف جوبز ليس استثناء، بل هو ممارسات يتم تصميمها إعلامياً للقادة تحت مسمى العلامة التجارية الشخصية وكذلك قيادة الرأي العام (Thought Leadership) وبالطبع تنطق على الأفراد وكذلك لقيادات المنظمات. بحسب دراسة أعدتها جامعة تكساس أن العلامة التجارية الشخصية للقيادات قد تساهم في زيادة إيرادات الشركات بنسبة 23 ٪، وبحسب دراسة أخرى أعدتها براند فايننس (Brand Finance) تتمتع الشركات التي ينشط رؤساؤها التنفيذيون على وسائل التواصل الاجتماعي بتجربة نمو أعلى بمقدار 3.6 مرة، وهذا النمو ليس بديلاً عن تطوير منتجات وخدمات مناسبة للجمهور المستهدف وإنما عامل مساعد كبير لأنها تنعكس إيجاباً على ثقة الجمهور المستهدف بالمنتجات والخدمات التي تقدمها المنظمة. الخلاصة العلامة التجارية الشخصية هي العلامة التي يمكن من خلالها تمييز الأفراد وبناء الثقة والمصداقية، وهي مهمة للأفراد على اختلاف أعمالهم واهتماماتهم، وأهم لقيادات المنظمات وينعكس أثرها بشكل كبير على تحقيق المنظمة لمستهدفاتها.