اختصت أرض المملكة بعناصر ثقافية في مختلف أرجائها، حتى أصبح من الاعتيادي أن تجتمع وتتلاقى بشكل متآلف في مكان واحد؛ فيلحظ المطلعون بريق الأشكال المعرفية التي نشأت بينها قُربة ثقافية على امتداد الوطن. ومن ذلك التلاقي يبرز الحضور المميز للشِعر المنقوش على الصخور، والذي جاء على هيئة صورٍ فنية دوّن عليها الإنسان رسومات متنوعة معبّراً عن حياته وعاداته وأساليب مجتمعه، ليُعدّ هذا التراث؛ رافداً ثقافياً ومصدراً حضارياً إنسانياً ذا أهمية بالغة. وبعد أن سرى الشعر المنقوش على ألسنة سكان الجزيرة العربية منذ قديم الزمان؛ برعوا في صياغة المواضيع وفق قواعد صارمة نبعت من سليقتهم في ضبط كتابة القصيدة، ولذلك استعملوا الأشجار والأحجار كأداة لتخليد قولهم المنظوم والموزون على جدران البيوت، والأبواب، والصخور، وقد تناولت الأبحاث والدراسات هذا الموضوع؛ كما جاء في بحث الدكتور عبدالرحمن السعيد، بعنوان «النقوش الشعرية الصخرية في السعودية وقيمتها الأدبية» الذي ضمّن نقوشاً لأبيات شعرية في وادي الحُرُمان بالقرب من عرفة: أفنى الجديدَ تقلّبُ الشمسِ وطلوعُها من حيثُ لا تُمْسي وطلوعُها بيضاءَ صافيةً وغروبُها صفراءَ كالوَرْسِ وكذلك نقش لبيت شعري في منطقة نجران: يَا هاجرَ دَارِهِ لا يطيل الله غيبته إن الحبيب إذا ما غيب مذكور ولم تتوانَ المؤسسات الثقافية عن اكتشاف الكنوز والترويج لها، ونشرها، والتوعية بأهميتها، فضلاً عن تعزيز الهوية الوطنية وحماية الثروة الثقافية والمواقع الأثرية وإدارتها بفعالية؛ حيث بادرت هيئة التراث بجولاتها الاستكشافية إلى إماطة اللثام عن الآثار والإرث الحضاري الأصيل الذي ينتشر في أرض المملكة. ومع حضور الكلمة والشعر على مر العصور من خلال النقوش الصخرية التي توثق أبيات خالدة لمجموعة من الشعراء الكبار؛ واصلت وزارة الثقافة إحياء تاريخ الشعر العربي العريق من خلال مبادرتها التي أطلقتها مطلع العام الجاري 2023م تحت مسمى «عام الشعر العربي»؛ لتكثيف حضوره في مختلف الفعاليات والأنشطة المجتمعية إرساءً لقواعد ثرائه المستقبلي، إذ تسعى الوزارة إلى ترسيخ وجوده في الحياة اليومية للثقافة السعودية والعربية.