ذكريات جميلة في حياته يستدعيها من ذاكرته؛ وخاصة في زمن الصبا، والشباب. وكثيرا ما نتخيل الماضي في صور رومانسية، نصفه بالجميل، ونتمنى عودته، وعودة ذكريات الطفولة، ونردد دائماً: ألا ليت الزمن يرجع، والليالي تعود. يرجع وقتنا الأول، وننعم في بساطتنا. نعم هي مشاعر، وأحداث باقية ما بقي الإنسان، ومن أكثر الأشياء التي تجعلنا نحنُّ للماضي؛ هو غياب الأشخاص، وزوال الأماكن التي نشأنا وتربينا فيها. ذلك الشعور المليء بالفقد، وعدم القدرة على استعادة أي من الأيام الماضية؛ ولو حتى عن طريق الذهاب للأماكن التي عشناها مرة أخرى. نعم حينما نكتب عن ماضي ذكرياتنا، ونسترجع ذلك الأمس البعيد بكل مكوناته الجميلة، تتزاحم لغة المشاعر بحنين الاشتياق، وعطرها الأخاذ، تستهويك ذائقة المتعة، وأنت تكتب بأنفاس الماضي، تأتيك صور، وأحداث، ومواقف، ورائحة زمن لا زال عطره باقياً في ذاكرة الأيام؛ مهما حاولت أن تنسى، وينسيك صخب الحياة ومشاكلها، تعود لا شعورياً لصندوق ذكرياتك؛ تقلب سنين الماضي، وتسافر مع أفكارك، وتستدعي قلمك لكتابة ذكرياتك بكل مساراتها المفرحة والمحزنة كشريط فيلم. لم تبحث أنت عن تسجيله وإعداد صوره؛ بل جاءت متزامنة وحاضره لحظياً لتسكن في ذاكرة الماضي، وترسم امتاع النفس، وإرجاع الذكريات. نعم عندما نهرب لماضي الأمس، تتجدد فينا العودة اللاشعورية في لحظات الزمن الماضي، وتتوقف عقارب الساعة في مشهد تخيلي، وتمضي حاملاً في قاموس ذكرياتك الكثير من أشيائك، وأوراق ماضيك، وحروف كتاباتك، بصفاء، وبنفس حالمة، وبيدك قلماً هو مفتاح ذلك الصندوق المليء بالأسرار، وذكريات هي متعة أو لنقل هي عودة لذلك الماضي بكل أحداثه، وتواريخه المختلفة، هو رصيد باق لمكونات الإنسان وذكرياته، مما يجعلنا أحياناً نعود لماضينا كذكرى يتسابق عطر أحداثها كمشاهدة أرواح رحلت عنا أو أشخاص على قيد الحياة تحرّكها مشاعر الود والاشتياق لماض وحكايات الأمس البعيد. هي الأحلام والرؤى بحثاً عن زوايا وأمكنة في ذكريات لم تمس عوالمه الضجيج ومساحات الإثارة المفتعلة، إنها ببساطة: ذكريات، وأحاديث زمن الطيبين. ويبقى تاريخ الإنسان وتفاصيله وذكرياته مرتبطه بالماضي ويظهر ذلك حينما يشاهد صورة أو مقطع معين أو حادثة يستذكر من خلالها تلك الأيام والتي ما تزال تعيش في ذاكرته. نعم تبقى ملامح الطفولة ثابتة في ذاكرته، ومخيلته، وفي عقله الباطن المرتبط بالرفاق والمكان والمدرسة والمناسبات. إن الذكريات الجميلة بعظمة محتواها الإنساني باقية لن تزول من الذاكرة ما بقيت الحياة؛ نستعيد عبق ذكرياتنا في مكان رأيناه، أو عبر صوت سمعناه، هي باقية ما بقيت قلوبنا تنبض بالحياة. سلطان علي الأيداء