«المدوان» اللعبة الشعبية الشهيرة في منطقة الحجاز المصنوعة من قطعة خشبية مخروطية الشكل تصنع بأيدي الصغار من الشجر أو الثمر كما يقال يغرس في وسطها مسمار قصير، تأتي متعتها وتسليتها في الدوران السريع، هذه اللعبة التي استلهمت الفنان المعماري عبدالرحمن طه ليقدم عمله المعبر والمستلهم من هذه الأرض وارتباط الأجيال بها، ربط الموروث الشعبي من اللعبة البسيطة الطفولية المنقوشة والملونة بألوانها الزاهية بالموروث الطبيعي متمثلاً بالنخلة وتجربة الإنسان مع الأرض المتمثلة في العمارة التقليدية وجمال وتنوع عناصرها الزخرفية. قدم العمل التركيبي «المدوان» كعمل فني يعرض الآن في مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء» في المعرض الفني من الأرض بالتعاون مع جمعية الثقافة والفنون بالدمام، جاء كجذع نخلة بارتفاع قرابة الأربعة أمتار وبقطر 50 سم، ويضم أكثر من 1625 قطعة خشبية يراه يعكس تطور العمارة، وهو الحاصل على البكالريوس في الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني من جامعة وسكانسون ملواكي. فكرة عمله التي استوحاها من اللعبة الشعبية بسيطة في تفاصيلها ولكنها تركيبية في شكلها وفي رمزيتها التي تثبّت الأصالة الأولى والبساطة الحسية الخالية من التعقيد والقوة الجمالية حيث تعامل معها وفق اختصاصه وحركته الهندسية، وهو يعمل دائما على تطويع طاقة الأمكنة والاشتغال على الفراغ مع توظيف الخامات الطبيعية التي تتوافق مع طبيعة الأمكنة. فالتواصل التشكيلي مع الأرض باعتبارها المفهوم الأعمق والأكثر تأثيرا على الجوانب الفنية والحسية للفنان يرتكز على المفاهيم المعاصرة في التركيب والأداء الموازي المبني على فكرة التواصل البصري بين الانتماء والذاكرة وبين التعايش مع اللحظات عبر الطبيعة والثقافة الجماعية، حيث قدّم اللغة البصرية التي حملت المتلقي إلى طفولته البسيطة من خلال «المدوان» الذي تكامل قطعة قطعة وكانه يثبّت الاستمرارية كفكرة والتواصل كحلقة تربطه زمانيا ومكانيا، فقد تمكّن من تطويعها حسب درجات النضج الذهنية والحسية في تصاعد عمودي وتكافؤ بصري دقيق التفاصيل. عند الحديث مع الفنان وهو عضو استديو وسم في جاكس الدرعية يرى أن ارتباطه بالفنانين وتنوع الأساليب والتوجهات الفنية أعطى أهمية في اكتساب الخبرة والحوار الفني رغم الخبرة المعمارية التي أفادته مع احترافه للتصوير الضوئي ومشاركته في مسابقة الفنون البصرية في تبوك العام الماضي، جميعها قدمت له التوافق البصري والمعماري، مما جعله يستعد لكتابه الأول عن بعض المدن من خلال بحثه وزيارته وتصويره ليكون مرجعاً معمارياً بصرياً ب «عين المصور ومرتبة المعماري». *كاتب في الفنون البصرية