افتتح معالي الأستاذ حامد بن محمد فايز نائب وزير الثقافة مطلع هذا الأسبوع المعرض الفني «من الداخل»، الذي يستمر حتى 26 ديسمبر 2019م، وأقيم في المنطقة الصناعية بمحافظة الدرعية بحضور نخبة من المهتمين بالفنون والثقافة. محتويًا على أعمال فنية لأكثر من 25 فنانًا من المملكة والخليج، يتناولون فيها العلاقة بين الإنسان والعُمران والتأثير المتبادل بينهما، وتبحث أعمالهم في أنماط السلوك الإنساني المتعلقة بالمباني والقدرة على ملاحظة السلوكيات الإنسانية عبر العصور وما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية في أنماط البناء. ويضم المعرض مجموعة من اللوحات الفنية والرسومات والمنحوتات والفيديوهات والأعمال التركيبية، التي تثير تساؤلات حول العلاقة بين العمارة وسلوك الإنسان، والطرق التي تنعكس بها التجارب البشرية والطبيعة المجتمعية على نسيج التطور الحضاري. من الداخل ويأتي معرض «من الداخل» لتمثيل مختلف الطرق التي تركت فيها الإنسانية بصمتها عبر التاريخ: ما الطرق؟ وما الطرق التي نقل بها الإنسان تجاربه إلى التخطيط والتطوير العمراني؟ وكيف تنعكس مشاعرنا والظروف التي نعيشها متمثلة في طراز المباني والأماكن التي نسكنها. سجادة قدمت إيمان الوهبي عمل: سجادة (2019)، الذي يمثل أهمية سجادة الصلاة – باختلاف أشكالها وأحجامها – ويدرس التتابع الزمني لكل أشكال السجادات وتطور نسيجها، وكيف أصبحت السجادة ونسيجها دلالة على عصر ما. مهد الحضارة قدمت دنيا الشطيري عمل: مهد الحضارة (2019)، عملًا تركيبيًا يتكون من مجموعة كُرات بداخل مساحة مجوفة، تعبر من خلال استخدامها للضوء والمشهد البصري والحركي الذي يستحضره هذا العمل عن الصورة الرمزية للتكيف الإنساني والعلاقة ما بين الثقافة والحضارة، والبيئة الحاضنة لهما. الفواصل الرقيقة قدمت رنا العقيل، عمل: الفواصل الرقيقة (2019)، هو عملًا فنيًا تركيبيًا يتألف من أربعة فواصل مطبوعة على قماش شفاف، غالبًا ما توجد الفواصل القماشية الحديثة في غرف تغيير الملابس وعيادات الأطباء؛ وتعتبر الطبيعة الرقيقة لهذه الحواجز عن وهم المساحة الخاصة. الحضانة قدم بو يوسف، عملًا فنيًا تركيبيًا بعنوان: الحضانة (2019) يتكون من غرفة حضانة من مستشفى مصمم خصيصًا لحضانة ناطحات السحاب. جُهزت الغرفة لتشبه غرف الحضانة المخصصة للأطفال في المستشفيات، وتمثل ناطحات السحاب المصنوعة من السيليكون الأطفال الرضع، وذلك إشارة إلى ناطحات السحاب في بلد الفنان، دبي. يقدم الفنان عالمًا وهميًا تحتاج فيه المباني الصغيرة إلى عناية واهتمام مستمر لتنمو وتصل إلى هيئتها البالغة، وتكتسب هيكلًا قويًا. التواءات إنسانية وتكوّن عمل صدّيق واصل، الذي حمل عنوان التواءات إنسانية (2019)، على مجسم من أنابيب الحديد الأحمر الملتوية، التي عبر الفنان من خلالها عن الانفعالات الحسية والصراعات الداخلية المشكلة للالتواءات النفسية بداخل الإنسان، تمثل التواءات الحديد – الصلب بذاته – قوة المشاعر والأحاسيس؛ فهي تستطيع تحويل وصنع التغيرات مهما كان الإنسان قويًا. ما لا تراه هو أيضًا هناك بينما قدمت سامرين سلطان، عملًا فنيًا تركيبيًا بعنوان: «ما لا تراه هو أيضًا هناك» (2019)، تكون من عدة أبواب ومرايا وملصقات متداخلة فيما بينها، يكمّل كل منهما الآخر لإنشاء حوار يثير الفضول. تحتل فيه المكونات الفردية دورًا ثانويًا بالنسبة للقطعة بأكملها لمحاكاة تجارب الحياة المكشوفة والمخفية. وتوفر لنا الأبواب خصوصية، ولكن أيضًا بمنظور يتجه من المساحة الداخلية إلى العالم الخارجي، كما يعكس العمل التحول الذي مرت به المجتمعات بمرور الوقت؛ حيث ارتكزت مفاهيم الخصوصية على كشف المزيد وإخفاء الأقل. رؤى منسوجة وقدم جواد القويز، سلسلة من الصور الفوتوغرافية لمعالم السعودية الشهيرة، حملت عنوان: «رؤى منسوجة (2019)، تركز على القواعد الأساسية للهندسة الإسلامية، وعمل الفنان من تجميعه لهذه السلسلة على صنع تناسق فريد يسلط الضوء على كل مبنى بحد ذاته، ليشكل عملًا فنيًا بتركيب آسر. تعد المباني والمواضع المختارة كإشارة إلى تنوع المواقع في المملكة، وتهدف إلى التأكيد على فكرة التفرد الشكلي والتصميمي، ومدى تأثيرها في شخصية من حولها. البيت وقدمت زهرة الغامدي، عملًا فنيًا تركيبيًا مؤلفًا من ستمائة قطعة من القماش والكتل الرملية المصطنعة، حمل عنوان «البيت (2019)، وهدف إلى التعبير عن مشاعر الحزن المرهفة، وتهدف هذه القطعة الفنية إلى تسليط الضوء على التباين بين الماضي والحاضر، وإلى إثارة التفكير حول تأثيره في الحاضر والمستقبل، وكيفية تأثرهما به. مخيم قدمت مشاعل تركي، سارة خالد، سارة سلطان، تمارا أحمد؛ عملًا فنيًا حمل عنوان مخيّم (2019)، عبار عن خيمة مشدودة مصنوعة من شبكة من الحلقات المعمارية. استوحي شكلها من مختلف أنواع «المخيمات» الموجودة في جميع أنحاء الشرق الأوسط: مثل مخيمات البدو ومخيمات اللاجئين ومخيمات الحج في مِنى. البحث عن الاتصال وفي مهمة: «البحث عن الاتصال (2019)، قدم: مهند شونو، عملًا فنيًا تركيبيًا لمئات من الأسلاك السوداء، المعلقة بقرص معدني مزوّد بمحرك آلي. تدور هذه الأسلاك بشكل يبعث الحياة في العمل التركيبي؛ حيث تغيب الذات الفيزيائية والبيولوجية عن الأداء، وبدلًا من ذلك يركز الفنان انتباهنا على الاتصالات المفقودة المعلقة. نفيس وقدمت نورة بنت سعود آل سعود، عمل: «نفيس (2019)»، عبارة عن مجلس خرساني بحجم ضخم، يعبّر عن إمكانية رؤية الهوية بمنظور أكبر وأكثر ارتباطًا بمعتقداتنا، وعاداتنا، وتاريخنا المشترك، ففي ظل الحداثة بقي المجلس على حاله، يجسد عنصر المجلس العريق، هذه العلاقة بين قطعة الأثاث ومفهومنا للهوية وكيف تمتلك الأشكال والأنماط القدرة على استحضار الذاكرة الجماعية. دوران هذا وقدمت شيخة الكتبي، قطعة فنية تشكل عن طريق عكس فيديو على خلفية ملساء حملت عنوان دوران (2019)، واحتوت على باب شعبي صمم خصيصًا لهذا العمل، تهدف الفنانة من خلال هذا العمل الفني التركيبي، إلى تفكيك الصور المكونة لا شعوريًا في دواخلنا حول البِنى المعمارية، التي يتم إنشاؤها في ذاكرة العقل اللاواعي. القدماء وقدم أيمن زيداني عملًا فنيًا تركيبيًا مبنيًا على الواقع الافتراضي، إضافة إلى فيلم يرتكز على سلسلة من التجارب التي أجراها الفنان على مدى العامين الماضيين؛ حمل عنوان: القدماء (2019)، ليلقي الضوء على استهلاك الموارد الطبيعية في دول الخليج، يجسد الفضاء الافتراضي مشهدًا تأمليًا يمكن أن يراه الشاهد من منظور رباعي الأبعاد، ويقدم العمل تمثيلًا تخيليًا للأرض القديمة المتمثلة في الصحراء التي كانت – كما نعرفها -، شديدة الخضرة وزاخرة بالحضارة والنباتات، يُعنى المشروع – في جزء منه – بتكريم واستذكار ماضي الأراضي التي كوّنت الخليج على ما هو عليه اليوم، وفي الجزء الآخر يُعنى بتشجيع السكان على زيادة تواصلهم مع الأرض. الاستدامة وتناول إميلي ريلف، موضوع الاستدامة (2018-2019)، عن طريق عمل فني تركيبي بسلسلة من صور أولية التقطتها الفنانة في الصحراء. تحتوي القطعة الفنية على نحو 150 زجاجة من الجبس المصبوبة والمطلية باللون الأسود أو الأبيض أو أوراق ذهبية، ويمثل هذا الانعكاس لفتة واقعية تهدف إلى غرس تجربة أكثر تعاطفًا وتأملًا في الحياة الحديثة؛ حيث تشجع الفنانة المشاهدين على التفكير بعلاقتهم مع النزعة الاستهلاكية وتقييم تأثيرها وكيفية تعبيرها عن مستقبل البيئة بالنسبة لهم وللأجيال القادمة. خلف الجدار بينما قدم محمد الشمّري، مجموعة من قطع الزجاج المزخرفة بالزخارف الإسلامية، حملت عنوان: خلف الجدار (2019)، التي تمنح المتلقي شفافية عالية ليرى ذاته وموروثه الفلكلوري الذي توارثه على مر السنين، فيدخل المتلقي وهذا العمل في حالة من الارتباط الخاص؛ ليجد ثقافته تتجلى أمامه على الزجاج، ويشعر بانعكاس هويته عليها. التجرّد من كل الأبنية وقدمت عفرا الظاهري، عملًا فنيًا يتمثل في قطعة قماش مغلفة بخطوط إسمنتية تم تعليقها على الجدار بواسطة قطعتين من حديد التسليح من خلال عملها: التجرّد من كل الأبنية (2018)، هو يستكشف هذا العمل مناخات رومانسية حول حب وكراهية أعمال هدم المباني، حيث تعمل الخطوط الإسمنتية كمخطط على سطح القماش، ويستخدم النسيج القطني عادة كداعم في عملية البناء. المدى .. وفي عمل فني تركيبي تفاعلي لمنحوتات خشبية توجد على شبكة مرسومة على الأرض، صاغت غادة الحسن عملها الموسوم: المدى (2019)، الذي تألف من ثمانية منحوتات كبيرة ومنحوتة صغيرة في الوسط. تمت معالجة أسطح التماثيل بالملصقات كي تحاكي القطع الأثرية القديمة. بين عصرين قدمت ميساء شلدان، عمل: بين عصرين (2019)، عبارة عن جدار من الحديد الصدئ، ويحمل نسيجًا معدنيًا من النحاس والحديد، مختزلًا بين أضلاعه واختلاف أسطحه وحلقاته الأحداث التي حاكت القيم والعادات والتراكمات الحضارية التي مرّت في الماضي، وصنعت هذا الحاضر. من الشرفة وقدمت هدى جبلاوي، عمل من الشرفة (2019)، عبارة عن كتاب فني تم تجليده وخياطة صفحاته وطباعته على ورق قطني باستخدام النفس الغائر والطباعة الشمسية، يتيح العمل الفرصة للمشاهد أن يعيش إحدى تلك الحكايات التي كانت تروى وتسمع بين ثناياه؛ في رحلة عبر شبابيك للزمن، تعبر صفحات الكتاب الفني عن غنى وتفرد الزخارف المعمارية لرواشين المدينةالمنورة ومدى روعة انسجام تفاصيلها. شواهد وفي تجربة تستعرض حالة الذاكرة التي احتضنت الأذهان، والتي طرأت على المجتمع كظاهرة عامة خلفت حالة من التغيير في منظومة العمارة بشكل خاص، والحياة بمفهومها الشمولي؛ قدم زمان جاسم عمل شواهد (2019)، وتناول المنشار باعتباره إحدى آلات التغيير المادية التي صنعت التحولات في الوقت الراهن، والتي لا يمكن وصفها نظرًا للتطورات السريعة في عصرنا، وربما الأجيال القادمة تكون قادرة على تسجيل وتفصيل التغيرات. المناشير الفولاذية المعروضة والمستهلكة تم جمعها من محال بيع الخردة المستعملة، وبعضها من المتاجر والمصانع التي تم استهلاكها في صنع المتغيرات على مدى أعوام كشواهد على هذه اللحظة. أنا أعجن وقدمت هدى الناصر، فيلمًا فنيًا أحادي القناة (يكرر مشهدًا واحدًا) بعنوان: أنا أعجن (2019)، يصور الفنانة وهي تعجن العجين، يركز الفيلم على الأيدي وهي تعجن لتسليط الضوء على الصراع المستمر مع العجين؛ ففي بعض الأحيان يكون خاضعًا، وفي أحيان أخرى يكون قاسيًا ومتمردًا، ثم فجأة يلتصق باليد التي تعجن بيأس، تعبر هذه العلاقة عن عمق نفسية الفنانة بكل تعقيداتها وصراعاتها. من الفناء وشكل محمد أنيس باحميد، خطًا مضيئًا يمتد من داخل فناء مجسمات البيوت التجريدية نحو الأعلى؛ إشارة لامتدادها نحو السماء، من خلال عمله: من الفناء (2019)، حيث يعدّ بطن الحوي (الفناء) أحد أهم العناصر المعمارية العربية؛ فقد كان للغناء دور مهم في إنارة المنزل من خلال السماح لأشعة الشمس بالدخول لكل المنزل، وعبور نسيم الهواء النقي، إلى جانب كونه نقطة تجمع ومتنفسًا لأهل المنزل. المكان» صوت» وقدم فلاوندرلي، عملًا فنيًا تركيبيًا قابلًا للنفخ: المكان «صوت» (2019)، يتكون من سبع كرات متصلة معًا لتشكل حرف H. تحتوي كل كرة على مكبرات صوتية تصدر مجموعة مختلفة من الأصوات الطبيعية والثقافية والصناعية، يأتي هذا العمل التركيبي بمنزلة رؤية تخيلية للمستقبل ولكن بطريقة كلاسيكية؛ تشبه التصور السائد في خمسينيات القرن العشرين عما سيكون عليه المستقبل، ليخلق العمل بذلك حيزًا يبدو مألوفًا رغم غرابته. جدّي وتناول خالد عفيف في عمله: جدّي (2019)، أسطوانة شفافة ممتلئة بطينٍ ناعم، ومرتكزة على قاعدة تحركها بشكل بطيء؛ متخذة النسيج العمراني بطلًا في هذا العمل، في عمل جدّي، حالة تكسّر الكتل العلوية من الطين أثناء دوران الأسطوانة قد تلهم المتلقي وتدفعه لاكتشاف طريقة تفكير الأجداد من قبل. مقتطفات من الحياة بينما تناولت فاطمة الداود مقتطفات من الحياة (2019)، مجموعة من المنحوتات البرونزية التي تمثل حالات الإنسان المختلفة. ينتشر العمل الفني التركيبي على مساحة المعرض، ويتفاعل مع العناصر المعمارية للمكان، وفي هذا العمل الفني تقرر الفنانة نفسها أن تكون في مكان المراقب؛ حيث تمثل لحظات مختلفة من الحياة بطريقة مبالغ فيها. الفراغ وتناول عزيز جمال موضوع: الفراغ (2019)، وهو مجموعة من الأشكال الإسمنتية المصبوغة، والمصبوبة في مجموعة متنوعة من القطع التي عثر عليها الفنان. تم إحياء هذه القطعة الفنية عن طريق التأمل في الأشياء المهملة التي غالبًا ما تتجاهلها في البيئات المدنية. تذكرني وأخيرًا قدم محمد حمّاد عمل: تذكرني (2019)، عبارة عن فيلم تجريبي قصير يستكشف العلاقة بين السكان والفن المعماري في حي جدة التاريخية – البلد. يمثل هذا الحي مكان ولادة مدينة جدة، ويجسد كبسولة زمنية تعمل بمنزلة نظام بيئي، حيث تستشعر حياة المدينة الصاخبة بكل تفاصيلها في البلد. مبادرات الجدير بالذكر أن المعرض يندرج ضمن مبادرات برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، ويأتي ضمن خطة وزارة الثقافة لتحويل محافظة الدرعية إلى منطقة للفنون المعاصرة، تستضيف الأعمال الفنية من مختلف دول العالم. ويُبرز المعرض دور الوزارة في دعم الأعمال والفعاليات الفنية والثقافية العالمية رفيعة المستوى، وسعيها إلى فتح الأبواب أمام الفنانين والمنصات من حول العالم، عبر توفير منصة للفنان من المملكة العربية السعودية لعرض أعمالهم للجماهير الدولية والعالمية. من مجموعة المنحوتات البرونزية لفاطمة الداود