"... بالتأكيد الكفاءة والقدرة أساسيتان، ولكن الأهم هو الشغف عند المسؤول، وحينما يتعين المسؤول في موقعه تكون مسؤوليته قضيته الشخصية"، هكذا شرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، معايير اختيار المسؤولين، في مقابلة سابقة، وهذا يلخص وجود كفاءات استثنائية في الحكومة السعودية. أتذكر كلمات الأمير كلَّما لفت انتباهي مسؤول، وكثيرًا ما يحدث في الفترة الأخيرة، في تتابع ملحوظ للمنجز والنجاحات. وهذا الوصف، تحديدًا، أجده يوضح علاقة الثقافة بوزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان؛ الذي قفز بالثقافة والفنون من مستوى غير مرضٍ إلى العالمية. ما سبق يشرح علاقة الوزير بالسينما والأفلام، على وجه الخصوص، التي ترجمت في نجاحات الوزارة، و"هيئة الأفلام"، وإدارة "فيلم العُلا". تحدث وزير الثقافة بإسهاب، في حوار خاص مع موقع سوليوود السينمائي، عن رحلة الأفلام والسينما، والتحديات التي تواجه الصناعة، وأهم المتحقق حتى اليوم، والطموح الكبير، والرغبة الحقيقية للتمدد عالميًا، وإيصال قصة السعوديين للجميع. وعلى الرغم من أهمية ما ذكره الوزير في حواره المطول، فإنني سأحاول التوقف عند بعض النقاط المهمة، أهمها -بالنسبة لي- هي مراهنته على الاستثمار في رأس المال البشري، "الذي يأتي كأهم ممكِّن لتحقيق الاستدامة في أي قطاع ثقافي"؛ والثقافة (بمنأى عن كل التخصصات والصناعات) تقف على أرضية الفكر البشري؛ ومهما كانت التقنيات المستخدمة، فلن تحقق المستهدف حتى يتم تمكين الأساس. ولذلك، ابتعثت الوزارة 109 مبتعثين، ضمن الابتعاث الثقافي، لدراسة تخصصات صناعة الأفلام في أهم الجامعات العالمية في الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا، و53 % منهم مبتعثات سعوديات. ودرَّبت 1400 شاب وشابة سعودية من برامج تدريبية، غطت مهارات التمثيل والكتابة والإنتاج والإخراج والموسيقى والمؤثِّرات البصرية؛ نفذتها هيئة الأفلام العام الماضي في 8 مدن سعودية. النقطة الأخرى، هي الاهتمام بالبنية التحتية، لخلق تكامل ملح بين الاحتراف واحتياجاته. ولهذا، بدأت الهيئة الملكية للعُلا تشييد استوديوهات للإنتاج السينمائي تبلغ مساحة مرحلته الأولى 30 ألف متر مربع، بالإضافة إلى الإعلان عن مشروعات استوديوهات إنتاج في منطقة الرياض. كما أني سعيد بكشفه عن مشروع "لتطوير استوديوهات متكاملة للإنتاج السينمائي في حي جاكس الثقافي بالدرعية مزودة بتقنية الإنتاج الافتراضي (virtual production) بالتعاون مع شريك عالمي ذي خبرة كبيرة". النقطة الثالثة، والأخيرة لمقالتي، هي حديثه عن الدعم المالي لصنَّاع الأفلام، وأرى أن هذا يكمل المثلث الأساسي: "محترفون، وتقنيات، ومال" ما يجعل الصناعة تنطلق سريعًا، ثم تلحق بها بقية المكملات، المهمة أيضًا. وبالأرقام، استفاد ما يزيد على 18 فيلمًا طويلاً وقصيرًا بشكل مباشر من دعم هيئة الأفلام، وبقيمة تقارب 40 مليون ريال سعودي. ودعمت الهيئة إنتاج أعمال سينمائية دولية مثل: محارب الصحراء، وقندهار، ودانكي، وأبطال، ببرنامج حوافز الاسترداد المالي الجزئي بنسبة تصل إلى 40 % من مصاريف مؤهلة للحوافز. كما قُدمت تسهيلات لوجستية ل50 عملاً سعوديًا ودوليًا لتمكين مواهبنا وشركاتنا السعودية من العمل على مشروعاتها السينمائية. في الحوار نقاط أخرى يجب التوقف عندها كذلك، ولكن لمحدودية المساحة قررت التوقف عند الأهم من وجهة نظري. قطعنا مسافة طويلة في صناعة الأفلام، ولا يزال الطريق أطول.. لكن الشغف يطوي المسافات. والسلام..