تعي السعودية والدول الخليجية ودول آسيا الوسطى، أهمية التزامهم جميعًا بتأسيس شراكة مستقبلية قوية وطموحة بين دولهم، بناءً على القيم والمصالح المشتركة والروابط التاريخية العميقة بين شعوبهم والتعاون القائم بينهم على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، وفي شتى المجالات.. مناسبتان مهمتان ستشهدهما المملكة العربية السعودية، ستعقدان في جدة بعد يومين من كتابة هذا المقال (19 يوليو 2023)، الأولى «اللقاء التشاوري الثامن عشر لقادة دول الخليج العربية»، والثانية «القمة الخليجية مع دول آسيا الوسطى»، وكلاهما تأتيان وسط ظروف ومتغيرات إقليمية ودولية متسارعة، ما يتطلب على المستوى الجيوستراتيجي تكاتفًا سياسيًا نوعيًا، ودراية بالمعطيات الراهنة، وهو الأمر الذي تعيه الإدارة السياسية السعودية، التي استطاعت بفعل قيادتها للعالمين العربي والإسلامي من بناء مدار سياسي يتجاوب معه الجميع بإيجابية كبيرة. تعي السعودية والدول الخليجية ودول آسيا الوسطى، أهمية التزامهم جميعًا بتأسيس شراكة مستقبلية قوية وطموحة بين دولهم، بناءً على القيم والمصالح المشتركة والروابط التاريخية العميقة بين شعوبهم والتعاون القائم بينهم على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، وفي شتى المجالات. وتكتسب هذه القمة أهمية كبرى من كون تلك الدول أعضاء في منظمة الأممالمتحدة والمنظمات الدولية الأخرى كافة والجهات الأممية المختلفة، فضلًا عن منظمة شنغهاي الجديدة التي انضمت لها السعودية مؤخرًا، وهناك فرص واسعة لمزيد من التعاون والتنسيق بين هذه الدول. من التعليقات التي تابعتها وأثني عليها ما علق عليه الزميل الكاتب السياسي «خالد باطرفي» لقناة الإخبارية، قائلًا: «إن هناك الكثير من الأمور التي يمكن ترتيبها وتنسيقها لخدمة الشعوب الإسلامية بشكل مباشر من وراء تلك القمة، خاصة أن جميع الدول المشاركة أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي». أحد المسارات المهمة للقمة المرتقبة، هو أنها ستكون مساحة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وما يخرج عنها من تنسيق في المواقف بين الجانبين من خلال آليات الحوار الاستراتيجي التي تم تأسيسها سابقًا. ومن المهم العلم أن هناك توجهاً متعاظماً بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى، من حيث تعزيز التعاون المشترك لتوحيد جهود التعافي الاقتصادي العالمي ومعالجة المضاعفات التي ترتبت على جائحة كوفيد-19، وتعافي سلاسل الإمداد والنقل والاتصال، والأمن الغذائي وأمن الطاقة والأمن المائي، وتطوير مصادر وتقنيات الطاقة الخضراء، ومواجهة التحديات البيئية وتغير المناخ والتعليم وتبادل أفضل الممارسات والخبرات في جميع المجالات، وخلق فرص الأعمال ودعم الاستثمار، بما في ذلك من خلال الآليات التجارية والاستثمارية المناسبة لدى الجانبين. وأتصور أيضًا أنه من المهم التعريج على القمة السابقة، وتأكيدها اللامحدود على أهمية تعزيز الصلة بين المبادئ والأهداف والأولويات الواردة في مفهوم التفاعل لدول آسيا الوسطى في الإطار المتعدد الأطراف الذي أقره رؤساء دول آسيا الوسطى بتاريخ 21 يوليو 2022 في شولبون-آتا، قرغيزستان، وقرارات مجلس التعاون حول بناء التعاون مع دول آسيا الوسطى. ولتحقيق الأهداف السابقة تم اعتماد خطة العمل المشترك للحوار الاستراتيجي والتعاون بين مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى للفترة 2023-2027، بما في ذلك الحوار السياسي والأمني، والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وتعزيز التواصل بين الشعوب، وإقامة شراكات فعالة بين قطاع الأعمال في دول مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ السريع لهذه الخطة على الوجه الأكمل، على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف. ربما يتساءل البعض ما أهمية دول آسيا الوسطى؟ تكمن أهميتها الاقتصادية في كونها جزءاً لا يتجزأ ومهماً من آسيا، وهي منطقة نامية ديناميكياً وواعدة اقتصادياً، ويبلغ عدد سكانها 77 مليون نسمة فيما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدولها نحو 350 مليار دولار.. دمتم بخير.