غالباً ما يكون الناس الذين عاشوا في جيل معين منخرطين في التفاعل مع بعضهم، وذلك لأنهم متشابهون في الآراء والاهتمامات ووجهات النظر في الكثير من القضايا ومتفقين أيضاً في القيم والمعتقدات على خلاف الناس الذين يكونون من جيلين مختلفين كجيل كبار السن والشباب، فحتماً سيكون بينهما اختلاف. وهذا الاختلاف ظاهرة طبيعية ومنطقية في سياق دوران عجلة الزمن وتغير الظروف المختلفة التي ولدوا فيها والتي تبرز منها الفجوة بين الأجيال، خاصة الفجوة بين الأبناء والوالدين. وتعد الفجوة الأصعب من أي وقت مضى في ضوء المتغيرات الاجتماعية والتكنولوجية، والإعلام الذي يعمل جاهداً على تشكيل هوية جيل بأكمله مما يجعل قيم ووجهات النظر لدى الأبناء قد تتعارض مع قيم ووجهات نظر والديهم، ويؤدي ذلك إلى العديد من نقاط الصدام بينهم، ومن أبرزها: اتهام الوالدين أبنائهم بالسطحية واللامبالاة والافتقار لحمل المسؤولية وقلة الخبرة، والأبناء يتهمون والديهم بالتشبث بالثقافة الرجعية والجمود الفكري وعدم القدرة على مواكبة التغيير. وكل منهم مصر على التمسك بالمبادئ التي يؤمن بها، وهذه المشكلة ساهم في حدوثها العالم سريع الخطى في حين أن ردم هذه الفجوة قبل أن تتحول إلى صراع بين هذه الأجيال ليس بالأمر الصعب عندما يدرك ويستشعر كل من الوالدين وأبنائهم أنه لا يوجد في العالم بأسره أثمن من العلاقة ببعضهم، وأن في اختلافهم تفكك لأسرتهم وانهيار لمجتمعهم، والمسؤولية في هذا الأمر تقع على عاتق كل من هذه الجيلين فينبغي على الوالدين أن يكونوا ذوي شخصيات مرنة وذات وعي وذكاء عاطفي فيما يتعلق بقضايا واحتياج أبنائهم وهذا يستلزم فهم شخصياتهم على مختلف أعمارهم، والاقتناع بأن الأوضاع الراهنة خلقت تغيراً طبيعياً في وجهات النظر والآراء؛ طالما أن هذا الاختلاف لا يمس بالقواعد والأسس والأخلاقية الدينية. بالإضافة إلى تعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم وتشجيعهم على الحوار ومعالجة أخطائهم بأساليب تربوية بعيداً عن القمع، ومحاولة الإقناع والوصول إلى حل وسط، كما ينبغي على الأبناء العمل على بناء جسور وروابط من الحب والاحترام مع والديهم وهي الخطوة الأولى التي يجب أن يقوموا بها لسد هذه الفجوة، إضافة إلى ذلك الاجتهاد في فهم طرق التعامل مع والديهم واحترام وجهات نظرهم وقضاء مزيد من الوقت برفقتهم والتحدث إليهم حول أي شيء يفكرون فيه أو يواجهونه من جانب أن الأكبر سناً لديهم خبرة التجربة التي يفتقر إليها الجيل الأصغر، فلا غنى لهم عن وجود والديهم في عالمهم لأنهم من أكبر النعم التي تستحق الشكر الدائم. خلاصة القول: فجوة الأجيال موضوع بالغ الأهمية، وتحدث بسبب الخصائص المختلفة لكل جيل نتيجة التغيير المتسارع في العالم، إلا أنه من المحال القضاء على ظاهرة الفجوة بين الأجيال بشكل قطعي، ولكن توجد حلول يمكن من خلالها ردمها قبل أن تتحول إلى صراع يصعب فيه الوصول إلى الاتفاق، ويتم الحد من حجم الفجوة من خلال جهود كل من الوالدين والأبناء للحصول على علاقة يسودها الحب والاحترام، وذلك من خلال تقبل الفجوة والبحث عن نقاط التوافق وتقبل الاختلاف البسيط بين الجيلين والحفاظ على الروابط الأسرية وحمايتها. 1