يتحتم على جو بايدن التوفيق بين مهمتين معقدتين خلال قمة الحلف الأطلسي، الأولى تقضي بتعزيز دعم الدول الحليفة لكييف، فيما تتطلب الثانية الحفاظ على موقف حازم بشأن طموح كييف للانضمام سريعا إلى الناتو. ويعتبر بايدن الذي يصل إلى ليتوانيا، مسألة تحقيق التوازن تلك أكبر إنجازاته في السياسة الخارجية، أي تَمكنه من جمع دول الغرب ضد روسيا وفي الوقت نفسه، تفادي حرب أوسع نطاقا مع قوة عظمى نووية. ورغم مخاوف من أن أوروبا أصبحت تعتمد بشكل كبير على موسكو، وأن الكونغرس الأميركي غير فعال بدرجة كبيرة، سارع بايدن لفرض عقوبات واسعة ضد روسيا ورصد مساعدات عسكرية كبيرة لكييف عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. والآن مع انطلاق الهجوم المضاد الصيفي لأوكرانيا، سينضم بايدن إلى سائر قادة دول الناتو في أجواء حازمة. وقال مستشار الأمن القومي جيك ساليفان الجمعة «بفضل قيادة الرئيس جو بايدن إلى حد كبير، سيُظهر الرئيس وحلفاؤنا وحدتنا وحزمنا في دعم أوكرانيا». يبدأ بايدن جولته بتوقف سريع في بريطانيا، ويختتمها بزيارة فنلندا العضو في الناتو الخميس. وثمة بند إضافي على جدول أعماله يتمثل في دفع تركيا للتخلي عن معارضتها لانضمام السويد إلى الحلف. وسيستخدم فيلينيوس الأربعاء خلفية لخطاب بشأن «رؤيته لأميركا قوية وواثقة بنفسها يحيط بها شركاء وحلفاء أقوياء واثقون بأنفسهم». لا عضوية لأوكرانيا في الناتو حتى في الوقت الذي يحفز فيه الحلف بشأن أوكرانيا، سيسعى بايدن لإبداء نوع من ضبط النفس. ويظهر هذا الحذر في كل مرة تتصاعد الضغوط من كييف، عادة بدعم من بولندا ودول البلطيق الثلاث، لتزويدها بأسلحة أقوى وأكثر تطورا، سواء دبابات أو مقاتلات إف -16. وتتعلق آخر نقطة شائكة بامتناع واشنطن عن إرسال صواريخ (ATACMS) التكتيكية البعيدة المدى والتي تريد أوكرانيا استخدامها ضد قواعد روسية خلفية. ويعتبر بايدن، إن بعض الأسلحة تغير قواعد اللعبة إلى حد أنها قد تؤدي الى رد روسي، يمكن أن يجر القوات العسكرية الغربية للنزاع. وذلك كما قال مرارا «يسمى الحرب العالمية الثالثة». يتبع بايدن في لحظات مماثلة النهج نفسه تقريبا. يرفض في البدء ثم يلين موقفه. فإما يأذن بتسليم معدات مثل دبابات ومنظومات باتريوت المضادة للصواريخ، وإما يعطي حلفاء الضوء الأخضر على الأقل لإرسال معدات عسكرية من ترسانتهم. الجمعة، أعلنت الولاياتالمتحدة الجمعة قرارها تزويد أوكرانيا قنابل عنقودية، للمرة الأولى منذ بدء الغزو الروسي لأراضيها. وقال بايدن إن اتخاذه القرار كان «صعبا للغاية» إلا أن «ذخيرة الأوكرانيين تنفد». لكن عندما يتعلق الأمر بأحلام أوكرانيا الانضمام للحلف الأطلسي، لا يبدو أن بايدن سيغير موقفه في وقت قريب. أعلن الرئيس الأوكراني هذه الأسبوع أنه يريد دعوة للانضمام «الآن» وقال لشبكة سي إن إن الإخبارية الأميركية إن بايدن هو «صانع القرار» في الناتو. دعم استثنائي يرى الباحث في معهد «أتلانتيك كاونسل» للأبحاث جون هيربست، إن عدم تقديم نوع من التشجيع الملموس لأوكرانيا بشأن عضوية مستقبلية سيكون «هزيمة للناتو في فيلنيوس». ويعتقد محللون في واشنطن أنه يمكن أن يقدَم لأوكرانيا ما يشبه الترتيب الأميركي مع إسرائيل، التي تتلقى تمويلا سنويا ضخما للأمن، ما يسمح لها بوضع مخططات بعيدة الأمد. ويقول فيليب ريكر من مركز ويلسون إن «هناك مختلف الالتزامات والضمانات الأمنية المعقولة التي قد تسهم أكثر نحو مصالح أوكرانيا القصيرة الأمد وأهدافها البعيدة الأمد، بما يشمل عضوية كاملة». وأوضح ساليفان أن مواقف البيت الأبيض الداعمة والحذرة في الوقت نفسه في معركة أوكرانيا ستستمر. وقال إن بايدن «كان واضحا أننا سندعم أوكرانيا طالما استدعت الضرورة ونوفر لها كمية استثنائية من الأسلحة والقدرات ... لكننا لا نسعى لبدء الحرب العالمية الثالثة».