يعد اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف World Day to Combat Desertification and Drought (WDCDD) ضمن الأيام العالمية المهمة لبرامج الأممالمتحدة، وتتكرر هذه المناسبة البيئية ويحتفل بها العالم في 17 يونيو من كل عام. وقد اختارت الأممالمتحدة عبارة: المرأة، أرضها، حقوقها، شعاراً لهذا العام!، وذكرت في موقعها الرسمي الإلكتروني أن النساء في جميع أنحاء العالم، تواجه عوائق كبيرة في تأمين حقوقهن في تملك الأراضي، وهو الأمر الذي يحد من قدرتهن على النجاح والازدهار. وقد استوقفني ذلك الشعار ومعناه، واستشعرت معه عِظم النعم التي نعيشها في ظل بلادنا المباركة وقيادتنا الحكيمة، فلله الحمد من قبل ومن بعد، لذا أجد أننا نتحفظ على صحة هذه المعلومة على الأقل في مملكتنا الغالية والدول العربية المسلمة، فالمرأة منذ عهد النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- وحتى وقتنا الحالي كفلت لها الشريعة الإسلامية كافة الحقوق التي تعجز عن توفيرها الأنظمة الوضعية، وكانت ولا تزال وستظل هي المرأة المسلمة التي تنال حقوقها في كل المجالات بدون عوائق ولا تحديات، كما استطاعت كذلك المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله ورعاه- أن تحقق ما لم تحققه غيرها من بقية الدول الأخرى، وآخر إنجازاتها الصعود للفضاء كرائدة فضاء، لتحقق ما تطمح إليه، وفوق ما تتمنى ولله الحمد، ولا أجدنا نحتاج لذكر شواهد أو براهين على ذلك. والاحتفال باليوم العالمي يعني: تنظيم برامج توعية تثقيفية للتعريف بخطورة الوضع الحالي حيث بحسب (المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2021) فقد تزايد عدد حالات الجفاف بنسبة 29 % منذ عام 2000، مقارنة بالعقدين السابقين، حيث يواجه أكثر من 2.3 مليار شخص بالفعل الإجهاد المائي، الذي أصبح مشكلة خطيرة تهدد الحياة، والعمل على رفع الحس البيئي العالمي لمواجهة تحدي التصحر والجفاف اللذين يهددان مستقبل الأجيال القادمة على الأرض، ويعتبران من القضايا البيئية المعاصرة التي تسهم في تفاقم مشكلات التغير المناخي والاحتباس الحراري وتنتج عنهما أيضاً، وتحتاج إلى حلول مدروسة وخطط استراتيجية طموحة لاستدامة البيئة وتحقيق التنمية المستدامة وجودة الحياة. والتوعية بأساليب ترشيد استهلاك الموارد الطبيعية، وكيفية تحقيق استدامتها وتعظيم الفائدة منها وفق أفضل المعايير والممارسات العالمية المتميزة، وتضافر الجهود في وضع آليات تنفيذ أنشطة وفعاليات تطبيقية وإشراك شرائح المجتمع المحلي فيها بمشاركة جميع الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص والقطاع الثالث، وفق أدوار متسقة ومتكاملة لكل منها لتحقيق المستهدفات بما تنعكس إيجاباً على الحد من التصحر والجفاف ومكافحتهما، وحماية النظم الحيوية. والتصحر كمصطلح علمي هو تدهور في أراضي المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة وشبه الرطبة بسبب الأنشطة البشرية والتغيرات المناخية، ويحدث لأن النظم الإيكولوجية للأراضي الجافة التي تغطي أكثر من ثلث مساحة العالم معرضة للاستغلال البشري المفرط والاستخدام غير المسؤول والممارسات المباشرة وغير المباشرة التي تتلف إنتاجية الأرض، مما يستلزم حماية المواطن البيئية التي تعرضت للمخاطر المختلفة من الاحتطاب أو الرعي الجائر أو الحرائق أو التلويث أو التدمير بأي وسيلة، وتسييجها بسياج يحميها من خطر التصحر والجفاف، ويمنحها الفرصة لإعادة بناء ما فقدته، والتشجير وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة بالأشجار المعمرة المتكيفة مع البيئات المختلفة يساعد على تثبيت التربة بكافة أنواعها في مكانها ويوقف تعرية التربة وانتقالها مع الرياح، كما أنه يمثل درع حماية ومصدات للرياح يوقف عملية دوران حركة الرمال إلى مناطق أخرى. ولا يخفى ما تمثله مبادرتا السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر من حلولٍ استباقية شاملة أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- جعلت المملكة تتصدر الدول بأقوى البرامج الاستراتيجية في مواجهة التغير المناخي ومسبباته وما يتبعه وما ينتج عنه من قضايا بيئية أخرى تمس مستقبل حياة البشرية ومصير التنوع البيولوجي والموارد على الأرض، حيث تكثف المملكة جهودها وتسخر اقتصادها وتقدم أفضل ما تملك نحو كوكب أخضر لخدمة البشرية جمعاء، وتستهدف التشجير بما مجموعه 60 مليار شجرة، سوف تؤدي بمشيئة الله لزيادة إنتاج الأكسجين، وتقليل الانبعاثات الكربونية بما يصل إلى 278 مليون طن سنوياً في 2030 م مما يرفع جودة الهواء، حتى الوصول إلى مستوى الحياد الصفري عام 2060 بمشيئة الله، وكما هو معلوم فإن وجود النباتات المناسبة المتكيفة للبيئة يحدث تغييرات إيجابية تتبلور في زيادة رطوبة الهواء، وخفض الحرارة وتلطيف الأجواء المحيطة، وحفظ التنوع البيولوجي والمساهمة في إكثاره، حيث تمثل موئلاً بيئياً تأوي إليه أنواعاً متباينة من الكائنات الحية، وتثبيت وتخصيب التربة، وحفظ الماء..إلخ. وإن ما تقوم به وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر من جهود جبارة وإنجازات ملموسة في هذا الشأن تسابق به الزمان والمكان، لهو من دواعي الفخر بهذه الكفاءات الوطنية العملاقة، والاستبشار بمستقبل أخضر قريب. ولعلي في هذا المقام اقترح وأوصي بمبادرة لإطلاق وتنظيم فعاليات تطبيقية خلال الأسبوع الذي يخص هذه المناسبة العالمية وغيرها من المناسبات المشابهة، بحيث يحمل فرصا تطوعية بنفس مسمى المناسبة أو اليوم العالمي، لغرس السلوكيات الإيجابية في عقول وقلوب أجيالنا المتباينة الأعمار تحت إشراف ورقابة الجهات المختصة والمعنية وتتم فيها الممارسات الفعلية لمكافحة التصحر والجفاف مثل: * تنظيم مسابقات لنثر البذور بطائرات الدرون في المناطق المرتفعة والخطرة وذات الطبيعة الوعرة التي تتطلب الحذر، جنباً إلى جنب كما في المخيمات الصيفية، والربيعية التي تتم خلال العام وغيرها، لاستثمار الطاقات الشابة فيما يعود بالنفع على الوطن. * عمل روزنامة ثابتة مخصصة لكل عام ميلادي، لتشجير المناطق المختلفة في المملكة بالأنواع المناسبة والموصى بها علميًا في مثل هذه المواسم وفي جميع الأيام العالمية الأخرى، بحيث تعمم منذ بداية العام على جميع الجهات ليشارك فيها منتسبوها على اختلافهم، والقطاع الثالث والمجتمع المحلي وتحتسب خدمة مجتمعية وفرصا تطوعية معلنة ومعروفة مسبقاً للجميع. * إقامة ورش عمل لتعليم المتلقين الآلية العلمية لصنع Compost في المنزل من خلال بقايا المواد الغذائية المستهلكة بالطرق العلمية المعروفة، لتخصيب التربة وحفظها (بالنسب الموصى بها)، لتقليل الهدر (الذي سجل أعلى مستوياته) باستثمار عمليات إعادة التدوير لمد التربة بما يلزم من أسمدة طبيعية مصنعة منزلياً، تزيد قدرتها على البناء وحفظ الماء فتسهم بشكل تراكمي في مكافحة التعرية وتقليل التلوث بالكيميائيات إلى حد ما. * تنفيذ ورش عمل للتشجيع على ابتكار وانشاء تطبيقات وبرامج ومنصات وطنية للهواتف الذكية تتابع وتحصي عمليات التوعية والتثقيف والتطبيق العملي في تنفيذ التأهيل والتشجير ونثر البذور، وغيرها من الأنشطة، وربطها بالروزنامة. * إقامة دورات تثقيفية لحفظ الموارد الطبيعية والغطاء النباتي وآلية العناية به، والتشديد على مقاطعة باعة الحطب المحلي، وذكر أضراره الجسيمة على البيئة، التحذير من الرعي والصيد الجائر، وتحفيز الإبلاغ عن المخالفات، وبيان العقوبات التي تنتظر المخالفين. * نشر بيانات بالبدائل المناسبة من حطب مستورد غير محلي، أو مواد صديقة للبيئة، الدلالة على أماكن توافرها. * العمل على إعداد ونشر شعارات هادفة مؤثرة باللغتين العربية والإنجليزية معاً، بجميع وسائل التواصل وصولاً إلى الشاشات الإلكترونية والتفاعلية الموجودة في جميع الجهات المعنية، والشاشات في الطرق وأمام إشارات المرور، تكون تلك الشعارات مزودة برسومات معبرة، إحداها معززة للسلوكيات الإيجابية لتحقيق التوازن في البيئة الطبيعية، ومشجعة على التشجير كرسالة مهمة، وتأصيل الانتماء والأخرى منددة بالسلوكيات السلبية التي تهدد السلامة والأمن البيئي لإيصالها لأكبر شريحة من المجتمع المحلي والإقليمي وصولاً للدولي، مساهمةً في حماية البيئة، بحيث تبث وتنشر في الفضاء الإلكتروني عبر المواقع الإلكترونية الرسمية لجميع الجهات المعنية، وترسل لتصل كرسائل نصية sms، وعلى البريد الإلكتروني للجميع بحيث تُحدث نقلة نوعية في الوعي للمتلقي، وتزود بقارئ (إحصائي) يدل على عدد القراء المستفيدين. بعد الحصول على الموافقات اللازمة تظهر على شكل لوحات رقمية أو لافتات توعوية يتم نشرها وتثبيتها بالقرب من مداخل ومخارج المتنزهات البرية والمحميات الطبيعية، وعند إشارات المرور وغيرها. والتعريف بها من خلال تعاون وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقرؤة لتكون ملء السمع والبصر وتحدث التأثير المطلوب بمشيئة الله لتعزيز الوعي البيئي وتحفيز العادات والسلوكيات لحماية البيئة لدى كل إنسان على أرض الوطن. وفي مجال التوعية فقد دأبت جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن على مواكبة وتفعيل المناسبات والأيام العالمية. ويبقى الحفاظ على استدامة البيئة مسؤوليتنا جميعاً للإسهام في تحقيق رؤية المملكة 2030، لتصبح مملكتنا الحبيبة خضراء بمشاركة ووعي أبنائها والمقيمين على أرضها، وليكن شعارنا: بتكاتف الجهود نجاح بلا حدود. * أستاذ البيئة النباتية المشارك بتميز - جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن