تستضيف جنيف مؤتمرًا برعاية المملكة العربية السعودية، لمحاولzة تنسيق وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها سكان السودان، حيث تتواصل الحرب منذ أكثر من شهرين. والأحد، دخلت حيّز التنفيذ هدنة جديدة أبرمها الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. والتزم الطرفان وقف إطلاق النار، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية في الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، وهي إحدى أفقر دول العالم، ورغم توقف إطلاق النار الأحد بعد عدة أيام من القصف المتواصل، لا تزال الأدوية والمواد الغذائية شحيحة. وأبدى سكان في العاصمة رغبتهم في أن تكون اتفاقات وقف النار أطول، وقالت هناء حسين، التي تقطن وسط الخرطوم "مشكلتنا أنّ الأيام التي تلي الهدنة تكون قاسية جدا، كأنما المقاتلون يريدون تعويض أيام الهدنة". من جهته، قال سامي عمر، الذي يقطن في أم درمان في شمال العاصمة "نريد وقفاً شاملاً لإطلاق النار". وأضاف "الهدنة لا تكفى لكي نواصل حياتنا، قد يتوقفون عن القتال، لكنّ قوات الدعم السريع لن تغادر المنازل (التي سيطر عناصرها عليها)، كما أن المرور عبر نقاط التفتيش صعب أيام القتال". نزوح 2,2 مليون الأحد، كتب مدير المجلس النروجي للاجئين بالسودان ويليام كارتر، عبر حسابه على موقع تويتر أنّه "لم تُصدر تأشيرات دخول إلى السودان، لغالبية المنظمات غير الحكومية الإنسانية في الشهرين الماضيين". وتابع "منذ بدء الصراع لا يزال هناك نحو 100 طلب تأشيرة معلّقة، قُدّمت من أكثر من 30 منظمة". وأضاف كارتر "لدينا فريق مكوّن من 20 شخصًا، في وضع الاستعداد لأكثر من شهر.. كان بإمكاننا مساعدة 200 ألف نازح حتى الآن". وتسبّب النزاع منذ اندلاعه في 15 أبريل، بمقتل أكثر من 3000 شخص، وفق آخر أرقام مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أنّ الأعداد الفعليّة قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظّمات دوليّة. كذلك، تسبّبت المعارك بنزوح أكثر من 2,2 مليون شخص، لجأ أكثر من 528 ألفا منهم إلى دول الجوار، وفق المنظّمة الدوليّة للهجرة. ووفق تقديرات الأمم المتّحدة، يحتاج 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان وعددهم نحو 45 مليوناً، للمساعدة في بلد كان يُعدّ من أكثر دول العالم فقرا حتى قبل اندلاع النزاع. وأشارت الأممالمتحدة في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدّتها، جمعت 16 بالمئة فقط من التمويل المطلوب. وأعلنت المملكة العربية السعودية التي تترأس المؤتمر، بالشراكة مع دول وأطراف أخرى، أنّ المؤتمر هدفه "إعلان التعهّدات لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة". وإلى جانب المملكة، تشارك في المؤتمر كلّ من قطر ومصر وألمانيا ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) والاتحاد الأوروبي ومفوضية الأممالمتحدة السامية لشؤون اللاجئين. ومنذ أسابيع، تقود الرياض وواشنطن وساطة في مفاوضات تجري في جدّة، لحل النزاع الدائر في السودان. وفي بيان الاثنين، أكدت الآلية الثلاثية المكونة من الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، وهيئة التنمية غير الحكومية بشرق إفريقيا (إيغاد)، على "الحاجة الماسّة إلى هدنة إنسانية دائمة، للسماح بوصول المساعدات إلى ملايين السودانيين المحتاجين". وأشارت الآلية إلى "استمرار تدهور الوضع الإنساني في جميع أنحاء البلاد، مع دخول الصراع في السودان شهره الثالث". كارثة إنسانية" في دارفور سبق أن أُعلنت هدن عدّة منذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم، معظمها برعاية سعوديّة وأميركيّة، لكن لم يتمّ التزامها كلّياً على الأرض. بالتالي تصل المساعدات الإنسانية بصعوبة وبكميات قليلة.وعبر أكثر من 149 ألف شخص نحو تشاد الحدوديّة من إقليم دارفور، حيث تثير الأوضاع قلقاً متزايداً خصوصاً في الجنينة مركز ولاية غرب دارفور، إحدى الولايات الخمس للإقليم. وكان موقع الرئاسة التشادية أفاد في بيان الأحد بقيام الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، بتفقد مدينة أدري الحدودية مع السودان في شرق البلاد من أجل "ضمان الإغلاق الفعلي للحدود". وأشارت منظمة أطباء بلا حدود بفرنسا عبر حسابها على موقع تويتر، الى أنّ الأسبوع الماضي "فرّ نحو 6000 شخص من الجنينة للاحتماء في تشاد بالقرب من أدري". وأوضحت في بيان السبت أنّ "ما لا يقلّ عن 622 جريحاً" أدخلوا مستشفى مدينة أدري التشاديّة الحدوديّة مع السودان "على مدى الأيّام الثلاثة الماضية". وقال منسّق المنظّمة في أدري سيبو درايا "الوضع صراحة يفوق طاقتنا لكنّ الجميع يقوم بأقصى ما يمكن للتأقلم". والأسبوع الماضي قال مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن إقليم "دارفور يتجه سريعا نحو كارثة إنسانية"، مضيفًا "لا يمكن للعالم أن يسمح بحصول ذلك". كما حذّر رئيس البعثة الأممية في السودان فولكر بيرتس من أنّ العنف في دارفور، خصوصا في الجنينة، قد يرقى إلى "جرائم ضدّ الإنسانيّة".