أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية القطاع الرياضي، يقوم المشروع على ثلاثة أهداف إستراتيجية، تتمثل في إيجاد فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي لتحقيق اقتصاد رياضي مستدام، ورفع مستوى الاحترافية والحوكمة الإدارية والمالية في الأندية الرياضية، إضافة إلى رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية، في المرحلة الأولى تم استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على الأربعة الأندية الكبار "الاتحاد، الهلال، النصر، الأهلي" وهي الأندية التي تحظى بقاعدة جماهيرية كبيرة بنسبة تصل إلى 80 % من المشجعين كما أنها تغذي المنتخبات السعودية بقرابة 90 % من اللاعبين يتصدرها نادي الهلال ب 36 لاعبا يليه الأهلي ب 31 لاعبا ثم النصر ب 28 لاعبا وأخيرا الاتحاد ب 23 لاعبا، كما أنها تستحوذ على قرابة 85 % من دخل الرعاية، وهي بالتالي الأعلى في النفقات والعجز المالي، وقد جاءت استراتيجية تخصيص هذه الأندية لتهيئتها وحوكمتها ووضع أطر للعمل الإداري والفني واستقطاب اللاعبين وتحسين صياغة العقود لحفظ الحقوق ومنع الهدر المالي، وكان من الصعب السير قدما بهذه الخطى في ظل وجود إدارات غير محترفة تتأثر بالعاطفة وتخضع للضغوط الجماهيرية التي ينتج عنها قرارات إدارية ومالية وفنية خاطئة تسببت في كوارث وهدر مالي كبير لا يمكن معالجته إلا بإعادة هيكلة الإدارة الرياضية لتحقيق الاستدامة المالية والفنية والوصول إلى مستوى احترافية الأندية العالمية. جاء قرار استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة 75 % من الأندية الأربعة الكبار و25 % تم تخصيصها للمؤسسة غير الربحية التي يمثلها مرشحون من خلال الانتخابات، وتعيين مجلسين لكل ناد، مجلس المؤسسة غير الربحية وله دور استشاري دون التدخل في القرارات الإدارية، والمجلس الثاني مجلس إدارة الشركة ولديه كل الصلاحيات المالية والإدارية والفنية وهو الذي يعين الرئيس التنفيذي، رئيس المجلسين ونائبه من المرشحون في انتخابات المؤسسة غير الربحية، وغالبية أعضاء مجلس الشركة يمثلون صندوق الاستثمارات العامة ما يضمن اتخاذ قرارات سليمة تخدم الأندية بعيدا عن التأثيرات الخارجية، وهم من يعين الرئيس التنفيذي وإعطائه الصلاحيات الإدارية والمالية والفنية وتمكينه من إدارة النادي في حدود الاستراتيجية التي يقرها مجلس الإدارة. هذه القرارات استقبلها الشارع الرياضي بكثير من الفرح والأمل والطموح، الهلاليون كان حماسهم أقل وتخوفهم أكثر من استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على الأربعة الكبار لأنهم يعتقدون أن لديهم إدارة ناجحة وحوكمة عالية وقضايا قليلة وفوائض مالية وعقود رعاية كبيرة، كانوا يأملون في خصخصة مباشرة دون الدخول في مشروع تهيئة للخصخصة قد يفقدهم الميزة النسبية التي مكنتهم من تحقيق البطولات في السنوات الماضية ورفعت قيمتهم السوقية وعظمت عقود الرعاية ما قد يجعلهم في صف واحد مع المنافسين وتكون فرص النجاح متكافئة، الطموح هو الارتقاء بجميع الأندية وهدفها بناء منظومة رياضية سعودية قوية قادرة على المنافسة في المحافل الدولية، وعندما تنجح الاستراتيجية الرياضية وتصل الأندية إلى مستويات عالية من النضج الإداري والحوكمة الجيدة والاستقرار المالي سوف يتم تخصيصها من خلال الشراء المباشر أو طرحها للاكتتاب في السوق المالية السعودية، ولكن الوصول إلى هذه المرحلة قد يستغرق أكثر من 10 سنوات، بعد تهيئة البنية التحتية وتحفيز الحضور الجماهيري وتفعيل متاجر الأندية وزيادة مبيعاتها وحماية حقوقها، وتشفير النقل التلفزيوني وبيعه للقنوات الناقلة بمبالغ كبيرة، تعود بالنفع على مداخيل الأندية، بالإضافة إلى زيادة عدد الرعاة وقيمة العقود. الأندية الأكثر استفادة من الاستثمار الرياضي هي أندية القادسية في الخبر الذي تم نقله بالكامل لشركة أرامكو ثم نادي الصقور في تبوك الذي تم نقل ملكيته بالكامل إلى شركة "نيوم" وأعتقد أن النادي ربما يتغير اسمه إلى "نيوم" ونادي الدرعية الذي نقل إلى هيئة الدرعية ونادي العلا إلى الهيئة الملكية للعلا، الأندية الأربعة تلعب في دوري الدرجة الأولى والثانية ولكن مع الاستثمار فيها سوف نراها من الأندية المنافسة على البطولات في أندية الدوري الممتاز للمحترفين. بقية الأندية في دوري روشن سوف يتم طرحها كفرص استثمارية لشركات القطاع الخاص بدءا من الربع الأخير من هذا العام وميزة هذه الأندية أن عجزها المالي أقل بكثير من الأندية الأربعة الكبار وقد تكون فرصة لمنافسة الشركات عليها لغرض استثمارها وتطويرها إداريا وماليا وتسويقيا حتى الوصول إلى تحقيق الأرباح وتكون قادرة على المنافسة وتحقيق البطولات، نادي الشباب من أبرز الأندية التي قد تتنافس عليه الشركات وقد ظهرت خلال الأيام الماضية أسماء لبعض الشركات العملاقة المدرجة في السوق المالية السعودية لديها الرغبة للاستثمار فيه عند طرحه كفرصة استثمارية جيدة، البنوك قد تكون من أهم المستثمرين في الأندية السعودية لملاءتها المالية وقدرتها على صناعة العمل الاحترافي والوصول إلى تحقق عوائد مالية مباشرة وغير مباشرة من الاستثمار الرياضي.