التطور الكبير في تقنيات الأجهزة الذكية وقطاع الاتصالات والخدمات اللوجستية وزيادة عدد مستخدمي الإنترنت وانتشاره في العالم وظهور تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، خلقت فرصاً للمنظمات للاستثمار في هذه التقنيات بغرض الاستفادة منها في مجال التسويق من خلال ما يعرف ب"التسويق الرقمي" الذي ساعد على ابتكار أساليب جديدة تحقق من خلالها المنظمات أهدافاً تسويقية عبر استخدام قنوات رقمية تصل للشريحة المستهدفة بكفاءة وفعالية، فالتسويق بشكله البدائي كان موجوداً منذ القدم مع بداية التبادل التجاري بشكله التقليدي إلا أنه كعلم ظهر مع بداية القرن الماضي ضمن العلوم الحديثة نتيجة لزيادة الإنتاج في العالم واتساع الأسواق وتعددها وتطور وسائل الشحن والتوصيل وزيادة حدة المنافسة وإلى الرغبة في التحول من الاهتمام بالمنتج إلى الاهتمام بالعميل، وهو نتاج مجموعة من العلوم النظرية كعلم الاجتماع الذي يستند إليه التسويق عند القيام بدراسة توجهات المجتمع وعاداته وتقاليده والذوق العام، كذلك يستند إلى علم النفس الذي يدرس رغبات واحتياجات وسلوك المستهلك وكيفية التأثير عليه، أيضاً يستند إلى علم الاقتصاد في دراسة القدرة الشرائية وحجم الطلب المتوقع والسعر الأمثل للبائع وللمستهلك بالإضافة إلى علم الإحصاء الذي يستند إليه عند القيام بدراسة وجمع بيانات السوق والعملاء وتحليلها. فالتطور الذي أحدثته التقنية أثر في علم التسويق بشكل مباشر في عناصره الأربعة الذي يطلق عليها المزيج التسويقي (4Ps) "تسعير، ترويج، مكان، منتج أو خدمة" بالإضافة إلى العناصر الثلاثة التي تم إضافتها لاحقاً مع تطور قطاع الخدمات وهي "الأفراد، العمليات، الدليل المادي" فأصبحت عناصر المزيج التسويقي (7Ps)، حيث تواكبت جميع عناصر هذا المزيج التسويقي مع حداثة التقنية الجديدة ونتيجة لذلك ظهر لنا مجال التسويق الرقمي الذي لايزال يستمد فكره من علم التسويق وقد كان في بداياته يسمى بالتسويق عبر الجوال والتسويق الإلكتروني والتسويق عبر الإنترنت، فنجد بالنسبة لعنصر المكان أو منافذ البيع أصبح بالإمكان الآن البيع عن طريق المتاجر والتطبيقات الإلكترونية عن بعد عبر الوسائل الإلكترونية، أما عنصر المنتج أو الخدمة الذي تغير مع التطور التقني كما في الكتاب الذي كان يباع كنسخة ورقية أصبح يباع الآن بصيغة إلكترونية، كذلك بالنسبة للكثير من الخدمات التجارية المختلفة وحتى الحكومية أيضاً أصحبت تُقدم عبر الإنترنت من دون الحاجة لزيارة مكتب المصلحة الحكومية، أما بالنسبة لعنصر السعر تغير نتيجة لتخفيض تكاليف منافذ البيع والبيع الشخصي مع إضافة تكاليف أخرى جديدة مثل التوصيل والشحن، كذلك عنصر الترويج وهو الأهم في التسويق الرقمي حيث أصبح الإعلان الرقمي الآن موجهاً للعميل بشكل مباشر عبر استهدافه في المواقع والتطبيقات الإلكترونية ومنصات الفيديو والألعاب ومحركات البحث والبريد الإلكتروني ورسائل الجوال وعبر حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، فكما كان الإعلان قبل الطفرة التقنية يركز بشكل كبير على القنوات التقليدية من تلفزيون وإذاعة وصحف ومجلات وإعلانات الطرق وبداخل المجمعات التجارية وبدور السينما أصبح يركز الآن وبشكل كبير على القنوات الرقمية لسهولة الوصول للشريحة المستهدفة وبالذات من خلال أجهزتهم الذكية الشخصية، ومن المهام الجديدة التي برزت نتيجة ازدهار وتطور التسويق الرقمي مثل تقنيات التسويق (MarTech) وهو الجانب الذي يهتم بالأدوات والتقنيات التي تساعد في عمل جهود التسويق الرقمي كذلك (Digital Mrcom) التي تختص بمجال الإعلان في القنوات الرقمية وغير ذلك العديد من المهام والمصطلحات الجديدة التي تدور في فلك مجال التسويق الرقمي.