يعتبر الفهد من الثديات البرية التي اعتقدت أنه يصعب تهجينها لتتعايش معنا بالمدن، ولكن الشواهد الأخيرة أثبتت عكس ذلك، فالكثير الآن يستفيد من الفهد بالصيد حتى أطلقنا عليه الصياد وهذه حقيقة طرحت في ذهني تساؤلا.. كيف تأقلم الفهد مع المدينة بعيداً عن موطنه الأصلي البراري؟، وهذا ما شدني للبحث في هذا الأمر. شاهدت فيلما تخيليا تدور أحداثه حول ثلاثة فهود كانت تعيش في مدينة واحدة، ولكل واحد منهم طبائعه الخاصة به تختلف عن الآخر من الناحية السيكولوجية والجسمانية، لمعرفة مدى نجاح تجربتهم بالعيش بالمدينة. قصة الفهد الأول بدأت عندما كان يعيش بأطراف المدينة ويقتات على مخرجات أهلها، لذا لم يعان كثيراً عندما تم تبنيه للعيش بها، لذا سرعان ما بدا للمشاهد ترهله فكريًا وجسمانيًا، الغريب أنه لم يشكل خطرا على ساكني المدينة رغم عدوانيته المعروفة عن الفهود، ولكن سرعان ما يأخذ وضع الانحناء عند مواجهته، فبدأ مع مرور الوقت يتخلى عن طبيعته كفهد صياد إلى طبائع الثعالب الذكية لكي يستطيع أن يتعايش مع من حوله، ونجح في ذلك وهذا تأثير المدينة عليه. أما الفهد الثاني فبدا لي في بداية الفيلم أن ترويضه سيكون صعبًا للتأقلم مع المدينة، وذلك بسبب أنه وضع لنفسه استراتيجية رمزية ومدخلاً هاماً في تخطيط موقعه بالمدينة متفاخراً بتوفر رغد العيش ومستشيخاً بالمشاريع التي وضعت له لكي يتأقلم مع المدينة، ووضع حداً تم جلبه من براري سويسرا بينه وبين سكان المدينة مبلطاً لهم ثقافته وتاريخه بالبراري. ما تميز به هذا الفهد الصياد هو أن سكان المدينة لم يلمحوه كثيرًا يتجول بالمدينة، وإنما فقط يسمعون أن هناك فهدا بالجوار، ما سهل عليه التكاثر بجلب العديد للمدينة لاعتقاده برغد العيش بها. معلق الفيلم ذكر جملة جميلة عند استعراضه لحياة هذا الفهد بالمدينة، عندما قال: ليته لم يعتمد على الفهد الأول ولم يجلب من فصيلته وبأسباب ذلك لم يستطع التأقلم مع المدينة فتم إعادته لموطنه خوفا عليه من حياة المدينة، وقصة الفهد الثالث عجيبه وغريبة، إذ تأقلم بالمدينة بشكل سريع جدًا، وذلك لمعرفة الأسباب التي جعلت الفهد الأول مترهلا والثاني حائرا بالمدينة، لكن قصة الفهد الثالث ما زلت تحت التوثيق والمتابعة لمعرفة كيف يتأقلم، لذا تم في البداية وحتى نهاية الجزء الأول من الفيلم تبنيه فقط لمدة يوم أو يومين بالشهر، وسوف نرى نتائج تأقلمه مع المدينة في الجزء الثاني من الفيلم الوثائقي على ذمة معلق الفيلم.. دمتم بود.