أولت المملكة اهتمامًا كبيرًا وحرصًا متناهيًا بالربط الكهربائى بينها وبين الدول الشقيقة المجاورة فكان باكورة هذا الحرص والاهتمام التخطيط لمشروع الربط الخليجي في عام 2001 بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تحت مسمى: "هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون" ومقرها الدمام للقيام بإنشاء المشروع وتشغيله وصيانته والذي يُعد من أهم مشروعات ربط البنى الأساسية البينية التي سبق أن أقرها مجلس التعاون، وكانت المملكة أكبر ممول له ومساهم فيه، وذلك من ثوابت قناعتها بالدور الحيوى الذى يحققه الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون من مزايا فنية واقتصادية متعددة منها على سبيل المثال تدعيم الروابط البينية وتقوية العلاقات الأخوية وتعزيز العلاقات التجارية، كما أنه يعتبر أحد الوسائل بل الاستراتيجيات المهمة لتبادل الطاقة الكهربائية المنتجة بين شبكات هذه الدول مما يساعد في تعظيم القدرات الكهربائية التي تحتاجها الأنظمة الكهربائية المترابطة وتحسين الموثوقية وسريان تدفق الطاقة دونما تذبذبٍ أو تدنٍّ أو انقطاع، بالإضافة إلى تخفيض الاحتياطي المطلوب في كل نظام كهربائي على حده والتغطية المتبادلة من الطاقة في حالات الانقطاع والظروف الطارئة، إلى جانب الاستفادة من فائض القدرات المتاحة لدى كل نظام وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية، كما أنه أحد آليات فتح أسواق الطاقة وخلق فضاءات فرعية أو إقليمية أو دولية فى هذا المجال. ولتعزيز هذه المشاريع الحيوية بين المملكة وشقيقاتها المجاورة فقد تم توقيع مشروع الربط الكهربائي بين المملكة والعراق في 25 يناير 2022 م من خلال مذكرة تفاهم في مجال ربط العراق بشبكات الربط الخليجي، الأمر الذي سيساهم في حل أزمة الكهرباء في جنوبالعراق على أن يتم بموجبه تزويد العراق بحوالي 500 ميجا واط من القدرات الكهربائية من المنظومة الكهربائية الخليجية القائمة ويمكن رفعها بحسب الحاجة فيما بعد الى 1000 ميجاواط في مراحل متقدمة وتنتهي بنهاية عام 2024م، فيما تتمثل المرحلة الثانية في نقل 2000 ميجاواط إلى الشبكة العراقية ومن ثَمَّ إلى زيادة أكبر من الطاقة في المرحلة الثالثة، وهذه الطاقات الكهربائية ستعزز بلا شك من قدرات شبكات النقل في جنوبالعراق، كما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة أن توقيع مذكرة التفاهم تأتي توجيهًا لقيادة البلدين من أجل توطين أسس الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات، بما في ذلك مجال الطاقة، وسيكون ذلك منطلقًا للتعاون وستكون هذه هي المرحلة الأولى لمجموعة من المشاريع بين البلدين الشقيقين كونها أول عملية ربط خارج منظومة دول مجلس التعاون والتي ستفتح المجال لإنشاء الروابط مع دول أخرى. والمملكة في سياساتها الرشيدة ونظرتها الحكيمة ورؤيتها السديدة في ظل العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله - ترى أن مشاريع الربط الكهربائي العربي هو اللبنة الأولى في بناء التكامل العربى المنشود فى مجال الطاقة كأحد روافد تحقيق الطموح العربى الذى يرنو إلى إنشاء سوق عربية مشتركة طالما نادى به معظم القادة العرب فى كافة المحافل والمنتديات العربية من أجل خلق سوق عربية مشتركة تحتل فيها تجارة الطاقة أحد ساحاتها العريضة التى تبشر بالخير والنماء والتطور والرخاء لهذه المنطقة من العالم. * جامعة الملك سعود