كانت الإنجازات التي حققتها المواهب السعودية مؤخرا في المحافل الدولية، نتاجاً لعمل مشترك بين جهات عديدة شاركت خبراتها في رفع مهارة الطلاب، وقدمت لهم الدعم والتوجيه، من منطلق مسؤوليتها الوطنية، وحرصاً على تعزيز الإبداع وتشجيعه لدى الجيل الجديد، وقد كانت (سابك) من الجهات التي عملت عن قرب مع الطلاب والطالبات والمشرفين عليهم لتحقيق هذا الهدف، الأستاذ خالد بن سليمان المحيسن، نائب الرئيس للمواهب العالمية والتنظيم في قطاع الموارد البشرية في (سابك) يحدثنا أكثر عن هذا الجانب. * ما رسالة (سابك) في رعاية المنتخب السعودي في (ايسف 23)؟ ونظرتها لهذا الحدث تحديدا؟ o هي رسالة متجددة نحاول من خلالها تجسيد رؤية القيادة الحكيمة لتعزيز عوامل التفوق العلمي للمملكة في المحافل العالمية، حيث تحظى مشاركة أبناء وبنات الوطن في هذا الحدث المهم باهتمام كريم وتشجيع لا محدود من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، -حفظهما الله-. من هذا المبدأ، جاءت رعاية (سابك) التي امتدت لأكثر من خمس سنوات مضت، ولم تتوقف عند المعرض الدولي للعلوم والهندسة (آيسف)، وإنما شملت كذلك الأولمبياد الوطني للإبداع، وعدة أنشطة أخرى هدفها الانتقال بالطلاب من شغف الابتكار، إلى تشكيل مسار محترف فيه. نحرص كذلك على إرسال وفد رسمي من (سابك) لمرافقة المنتخب السعودي المشارك في هذا المعرض المهم، يقوم هذا الوفد بتقديم المشورة والدعم المعنوي والعلمي لكل ما يحتاجه الطلاب خلال هذه المشاركة، حيث ندرك أن هذا المعرض يعد منصة عالمية تشكل نقطة ارتباط وثيق بين المبتكرين والجهات الداعمة، كما أنها منطلق حقيقي لعلاقة بناءة بين مخرجات العلم ومستقبل الصناعة. وقد كانت من نتائج هذا العمل الممنهج تحقيق الإنجاز اللافت في فعاليات (ايسف 22) متمثلا في 22 جائزة مختلفة، وهو الحدث الذي لاقى تقديراً واسعا على المستوى الوطني، حيث أكد بوضوح على امتلاك موهوبي المملكة المزايا التنافسية المبنية على العلم والابتكار، في وجود أفكار خلاقة وجهود مؤسسية وتكامل بين القطاعات في دعم المواهب كعنصر من عناصر التحول نحو مفهوم الاقتصاد المعرفي. * حدثونا عن علاقة سابك مع مؤسسة موهبة؟ o رتمتد شراكتنا مع موهبة إلى أكثر من 17 عاماً، عملنا خلالها على استثمار مكتسبات العلم والتجربة، بما يخدم تفعيل قدرات الشباب كقوة داعمة للتفوق في المستقبل. وقد تطورت بالدعم والرعاية لبرامج المؤسسة ومسابقاتها ومؤتمراتها، ومشاركة بعض موظفي الشركة أعضاء في اللجان العلمية في المسابقات العلمية الوطنية، إلى جانب استضافة بعض الأنشطة الخاصة بالموهوبين والمبدعين. وأود هنا أن أقدر الجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة التعليم و(موهبة) في سبيل اكتشاف الموهوبين والمبتكرين من الطلاب والطالبات ورعايتهم، وهو ما يتسق مع اهتمامنا في (سابك) بالتعليم والتقنية والبحث العلمي، واستثمارنا المتواصل في مجالي الابتكار والإبداع، حيث تعد هذه المسارات من ركائز مسؤوليتنا الاجتماعية، كما تشكل جزءا لا يتجزأ من النهج الذي نعتمده للتفوق في أعمالنا. هذا التعاون مع (موهبة)، وبالإضافة إلى غايته في تعظيم الجهود الوطنية المشتركة لتعزيز مهارات البحث العلمي وتنمية روح الإبداع وثقافة الابتكار لدى الطلاب والطالبات في المملكة، ودعم المواهب في مختلف المجالات، يمثل تجسيدا لإيماننا معاً بضرورة تطوير القدرات البشرية، والوفاء بمسؤولياتنا الوطنية لتطوير وبناء قيادات المستقبل، التي ستكون إسهاماتها قواماً للتنمية عبر قطاعات متعددة. * هل يمكن أن تحدثونا أكثر عن ملامح اهتمام سابك بالابتكار؟ o نحن نؤمن في (سابك) بأن الابتكار ليس مجرد مسار تطويري وإنما هو ضرورة استراتيجية، ولهذا نولي أهمية كبرى لدور العقول المبدعة والأفكار المبتكرة في نمو الأعمال وصناعة مستقبل الشركات. لقد استثمرنا خلال العقود الماضية في مجالات تنمية التعلم، وتحفيز الابتكار، وتطوير التقنية والبحث العلمي، باعتبارها قيماً أساسية في بيئة العمل. ونتيجة لذلك نجحنا في تسجيل حوالي 10 آلاف براءة اختراع وطلب براءة اختراع، من خلال جهود باحثينا الذين يعملون في 18 مركزاً ل(سابك) تعنى بالتقنية والابتكار والتطوير حول العالم. ولأن عملية إبداعية تبدأ من تهيئة البيئة المحفزة لها وصقل القدرات المتميزة فيها، معرفياً وتطبيقياً، حرصنا على تعزيز ثقافة الإبداع في بيئة عملنا بإقامة ورش العمل والبرامج المتخصصة لتطوير القدرات والمواهب لدى موظفينا، كما قدمنا عدداً من الجوائز الخاصة بالابتكار، بالإضافة إلى برنامجنا لابتعاث الكفاءات، وتكريمنا لرواد الأعمال المبدعين، ولأصحاب مشاريع التخرج الأكثر تميزاً. فضلا عن ذلك فقد أطلقنا مبادرتنا موطن الابتكارTM في العام 2016م في وادي الرياض للتقنية، والتي جمعت المبتكرين بالمستثمرين ووحدت جهود عدد من الشركات والجهات المهتمة بالابتكار محلياً وعالمياً، كما أسسنا مركز سابك لتطوير التطبيقات البلاستيكية (سبادك)، حيث نوظف أبحاثنا وتجارب زبائننا في تطوير صناعات بلاستيكية مبتكرة، مادتها الأساسية هي الأفكار المبنية على تجانس العقول الخلاقة مع نتائج الأبحاث والتجارب. لدينا شراكات مع عدة جهات حكومية وخاصة لتطوير صناعات مبتكرة بميزات تنافسية لتحسين جودة الحياة، كما تعاونا مع الجامعات والمؤسسات التعليمية المحلية والعالمية لتشجيع الأبحاث والمشاريع المبتكرة، ويشمل ذلك الكراسي البحثية والمبادرات المشتركة، فضلاً عن برامج الشركة للابتعاث، والتدريب التعاوني، كما عملنا مع عدد من الهيئات الوطنية لرعاية واستضافة الفعاليات القائمة على الابتكار، ومن أبرزها (منتدى مسك العالمي)، (أطلق مشروعك)، (برنامج سابك الصيفي للإبداع) ، (هاكاثون لتطوير البرمجيات المبتكرة) وغيرها. ندرك في (سابك) أن الابتكار لا يمثل قطاعاً إنتاجياً معيناً بقدر ما يستطيع إنتاج قطاعات جديدة دائماً، وهو ليس هدفاً بقدر ما هو طريقة لتحقيق أهداف أكثر، باستمرار، ومن هنا ننظر له كمحرك أساسي لنمونا وإسهامنا في دعم الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة. واليوم نمتلك خبرة يتم البناء عليها وتحسينها بصورة متجددة من أجل وضع مخرجات الإبداع والابتكار في مساراتها الصحيحة باتجاه الوصول إلى المزيد من المكتسبات، فيما تواصل مراكزنا التقنية والبحثية تطوير مواد وحلول مبتكرة في مجالات منها البناء والتشييد، والتقنيات الكهربائية والإلكترونية، والنقل والتعبئة والتغليف، وحلول الطاقة والاستدامة، والرعاية الصحية والشخصية، والزراعة والأمن الغذائي. * كيف تنظرون إلى أثر الابتكار في رؤية السعودية 2030 وفي مستقبل العالم؟ * تمثل الموهبة والابتكار منظومة من المعطيات البناءة تشمل المعرفة وتطوير الموارد البشرية وصولاً إلى صنع القيمة الاقتصادية، وبالتالي فإن رعاية هذا الجانب بأسس وأساليب علمية عالمية، والعمل المشترك في العديد من المشاريع والمبادرات الاستراتيجية الوطنية في مجال رعاية الموهوبين، يعد انسجاماً مع (رؤية السعودية 2030) التي تضمنت الارتقاء بمؤشر رأس المال البشري من خلال الاستثمار في التعليم. وقد أكدنا على هذا المبدأ من خلال مشاركتنا كشريك استراتيجي في "المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع 2022م"، الذي أقيم في ديسمبر الماضي تحت عنوان "رحلة نحو المستقبل الجديد"، حيث سلطنا الضوء على تحفيز الإبداع وتعزيز الابتكار، وبناء شراكات مع المؤسسات التعليمة المحلية والعالمية ، كما شاركنا حينها في جلسة تحت عنوان "قيادة الابتكار من خلال منصة المواهب العالمية"، التي تدعو الخبراء نحو استقطاب المواهب ومساعدتهم في مواجهة التحديات ، وذلك من منطلق إيماننا بتصاعد الحاجة إلى القدرات الموهوبة من دول العالم كافة، لوضع الحلول الإبداعية لمواجهة تحديات التنمية المستدامة العالمية، بما يساهم في تحسين حياة الإنسان على كوكب الأرض، وبناء مستقبل أفضل للبشرية. لهذا أرى من واجبنا أن نواصل تمكين الشباب من معطيات التقدم التقني والمعلوماتي لتوظيف إمكاناتهم، وتعزيز التبادل المعرفي – الواقعي والافتراضي- بينهم خاصة في المرحلة الحالية التي تشهد تحولات سريعة تتطلب تهيئة جيل مبدع قادر على التعامل مع التحديات الاستثنائية بحلول غير تقليدية، وهذا يتطلب معرفة أبرز الممارسات العالمية في تنمية الطاقات الشابة للموهوبين والمبدعين والمبتكرين، واستشراف مستقبل العلوم والتقنية والاستثمار عبر مشاريع مرتبطة بصناعة اقتصاد المستقبل كالكيمياء أو التطبيقات البيئية، والواقع المعزز والهندسة الحيوية، والروبوتات، والحلول الذكية والأمن السيبراني، وغيرها، بحيث تجد إبداعاتهم الدعم اللازم والفرص الكافية لتحقيق الرفاه الاجتماعي والنمو الاقتصادي. عملت سابك على الاستثمار في التفوق من خلال رعاية المنتخب السعودي في (آيسف 23) خالد بن سليمان المحيسن