في لحظة حساسة جدا وبعد القمة العربية الناجحة التي عقدت في مدينة جدة السعودية، والتي سبقها توقيع الاتفاق السعودي-الإيراني وما تم خلال القمة من محادثات لمسؤولين لبنانيين مع نظرائهم السعوديين حول إعادة السماح بتصدير المنتجات اللبنانية إلى أسواق المملكة العربية السعودية، وعودة السعوديين إلى ربوع لبنان كزائرين وسياح وكأهل دار، فكثير منهم يمتلك منزل أو عمل أو قطعة أرض في الربوع اللبنانية، وقد سمع اللبنانيون من المسؤولين السعوديين كل إيجابية بهذا الخصوص. خلال هذه الفترة رأينا الهيئات الاقتصادية، وما تضم من جمعيات المزارعين والمصدرين والصناعيين والسياحة والمطاعم والفنادق، أصبحوا نجوم الشاشات التلفزيونية، يبشرون بموسم صيف واعد في ربوع لبنان، ويتأملون بفتح الأسواق قريبا أمام المنتجات اللبنانية. في هذه اللحظة تم اختطاف مواطن سعودي يعمل في الخطوط الجوية العربية السعودية في بيروت، الأمر الذي أدى إلى استنكار واسع من مختلف شرائح المجتمع اللبناني، ومن مختلف القيادات اللبنانية، وكان هناك تحرك سريع للقوى الأمنية، وتحديدا لمخابرات الجيش اللبناني في البقاع، لتعقب الخاطفين، علما بأن الجيش يخوض حرباً منذ أكثر من ثلاث سنوات بإمكانيات محدودة جدا على معامل الكبتاغون والمهربين وعصابات الخطف والسرقة وحقق إنجازات كبيرة في هذا المجال. الحكمة التي أدار بها سفير خادم الحرمين الشريفين السفير وليد بخاري هذا الموضوع.. بالإضافة إلى الاستنكار اللبناني الواسع، وضربة الجيش الخاطفة للخاطفين واعتقال بعضهم أدى إلى إغلاق القضية وبسرعة كبيرة وبنهاية سعيدة. ولكن لابد لنا أن نسأل مع كل المتسائلين.. ما هو سر التوقيت لهذه العملية؟ هل هي صدفة أم رسالة مخططة ؟ وما النتائج والأضرار المترتبة عليها؟ والأهم من كل ذلك ما هي الإجراءات التي سيأخذها الحكومة اللبنانية لتلافي حصول أحداث مماثلة في المستقبل. لا شك بأن تحليل التوقيت يجنح إلى الشبهة لماذا الآن؟ وهل من يود أن يوصل رسالة مفادها انزعاجه من الدور السعودي الحكيم في لبنان والوهج العالمي الذي تحتله المملكة اليوم؟ ام التوقيت محض صدفة وعمل عصابات؟ النهاية السعيدة لعملية الخطف ترجح هذا الخيار مدعومة بما حُكي عن مساعدة قوى الأمر الواقع الموجودة على الأرض في تحديد أماكن الخاطفين. بعد النهاية السعيدة لعملية الخطف، لا أرى داعيا للاسترسال في نظرية المؤامرة، أما النتائج والأضرار فلا شك بأن المملكة ستستمر بلعب دورها الوازن في لبنان، لكن أيضا ما حدث سيضع صاحب القرار السعودي أمام مراجعة دقيقة لأي قرار بعودة السائح السعودي إلى لبنان، فأمن المواطن السعودي فوق كل اعتبار. وعليه فإن حكومتنا اللبنانية أمام استحقاق مهم باتخاذ إجراءات جدية ونهائية عبر إطلاق خطة أمنية شاملة ضد هذه العصابات، مدعومة بالإجماع الوطني وكفاءة القوى الأمنية العالية، حتى يطمن السائح من كل الجنسيات ويطمئن المغترب اللبناني على أمنه ولا عائق أمام ذلك إلا إذا كانت نظرية المؤامرة هي الغالبة. * رئيس مجلس التنفيذيين اللبنانيين