بتتبع الآثار المعمارية في المملكة والتعرف على تفاصيل حضورها وروعتها الثقافية المتنوعة في تمثيلها التاريخي ذي الركائز الحقيقية الزاخرة والتي يُقرأ عبرها أوجه الحضارات المندثرة وتفاصيلها التي تختزن فترات زمنية مختلفة في بقعة من أطهر بقاع الأرض جاءت حاشدة بتاريخ ثري يعود إلى فجر الإنسانية لم تغب عنها آثار الحجاج وقوافلهم وطرق التجارة القديمة. وفي اتساقٍ لذلك التاريخ المعماري وتطوراته ظهرت مآثر العمارة السعودية للمسجد الحرام، والتي تجلت في المشروعات الضخمة والتوسعات الكبرى التي قدمتها الدولة على مر السنين منذ عصر الدولة السعودية الأولى وفي عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ومن تلك المشروعات المعمارية ذات النقلة الكبرى والذي صدر بشأنه الموافقة الكريمة مبنى مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام وإطلاق تسمية (الرواق السعودي) عليه. الرواق السعودي يتضمّن مشروع توسعة المطاف خلف الرواق العباسي، ويحيط به وبصحن الكعبة المشرفة، وتم حين أمر الإمام المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- ببناء توسعة للمسجد الحرام؛ لاستيعاب أعداد الحجاج المتزايدة، وبدأ العمل عليه في عهد الملك سعود عام 1375ه/ 1955م، واستمرّ بناء الرواق في عهد الملك سعود والملك فيصل والملك خالد -رحمهم الله جميعاً- ليستكمل تطويره في عهد الملك فهد، والملك عبدالله -رحمهما الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-. ولذلك فإن الرواق السعودي يحيط بالرواق العباسي ليكون مكملاً له، مع تميزه بمساحة أوسع لم يشهدها المسجد الحرام من قبل، حيث يتكون من 4 أدوار؛ وهي: الدور الأرضي، والدور الأول، والدور الثاني "الميزانان"، والسطح، فأصبحت الطاقة الاستيعابية للرواق السعودي 287.000 مصلٍّ، و107.000 طائف في الساعة بالرواق وصحن المطاف. إن هذا العمل الاستثنائي التاريخي المتجسد بالرواق السعودي بشكله الحديث يعد من مفاخر الدولة السعودية ومن مآثر العمارة السعودية للمسجد الحرام، وأصبح يمثل هوية خاصة بالبيت العتيق مازالت باقية حتى اليوم، لترسخ اهتمام قادة الدولة السعودية بعمارة الحرمين الشريفين، الذين انعكس اهتمامهم بشكل واضح على عمارة الحرمين، وبشكل لم يشهده التاريخ من قبل.