حركت السعودية مبكراً أساطيلها البحرية لإنقاذ مواطنيها من أتون الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، ولم تتوقف على ذلك، بل امتدت يد الرياض لمساعدة الجميع بلا استثناء ولأكثر من 80 جنسية، وقامت باستضافة الفارين وقدمت لهم يد المساعدة وحتى مغادرتهم لدولهم. هذه الأساطيل البحرية، هي امتداد للأساطيل الجوية التي كان جسرها يمتد من دول العالم للعاصمة الرياضوجدة خلال وباء كورونا، وهو تأكيد على أن الإنسان هو الهاجس الأول لقيادة هذا الوطن، وهو ما عبر عنه ولي العهد محمد بن سلمان في أكثر من لقاء تلفزيوني. إن المتبصر في عمليات الإجلاء السعودية الأخيرة، يرى اللقطات المصورة والفيديوهات تغزوان العالم، وهي تنقل كيفية قيام السعوديين من مدنيين وعسكريين في إجلاء كبار السن والشباب والأطفال، النساء والرجال، بل وعكست كبريات الصحف العالمية مثل الغارديان البريطانية صوراً لمجندة سعودية تحمل طفلاً من الذين تم إجلاؤهم، وهذا المحتوى الإعلامي بلا شك كان فاعلاً في تعزيز الصورة الذهنية للمملكة وتأكيداً على دورها القيادي في منطقة الشرق الأوسط، وتأثيرها الممتد عالمياً. هذا الزخم الإعلامي، والذي حملتها وسائل التواصل الاجتماعي وانعكس على المنصات الإعلامية التقليدية، هو نتاج حراك إعلامي واسع من قبل العاملين في المجالات الإعلامية السعودية المختلفة، وكان يحمل طابعاً إيجابياً لتعزيز الصورة الذهنية للمملكة، وأسهم ذلك في تدفق المعلومات والصور بشكل مستمر ولأيام، وخصوصاً عبر منصة تويتر الذي يعكس جهود المملكة في صناعة الممر الآمن للهاربين من جحيم حرب فرقاء السودان. إن المحتوى الإعلامي وخصوصاً في خضم الأزمات يمكن التخطيط له مبكراً من خلال «خطة أزمة إعلامية»، وتستجيب له الجهات المعنية والأفراد ذات الصلة، وبدلاً من بقاء النجاح الكبير على الصعيد المحلي الداخلي فقط، فإنه يمكن وضع خطة إضافية تتناول ترويج المحتوى والقصص الإخبارية وتوجيهها للناطقين باللغات الحية الأخرى مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والروسية والصينية، بما يتوافق مع سلوكيات الجمهور المستهدف عبر خلية إعلامية وذلك للوصول للحد الأقصى من التأثير وتعزيز القصة السعودية لدى متلقيها من متحدثي اللغات الحية. * باحث دكتوراه في المحتوى الإعلامي