قبل ثلاث سنوات من يومنا هذا، بدا العالم حينها كمدينة أشباح هائلة، بينما يواجه أصعب لحظة في تاريخه المعاصر بسبب فيروس غامض ما زالت تفاصيل ولادته محاطة بالغموض حتى الآن، واليوم إذ تعلن منظمة الصحة العالمية طي صفحة الوباء المرعب، وتؤكد أن فيروس كورونا لم يعد يشكل حالة طوارئ صحية عالمية، يبدو إعلانها هذا كخبر بائت، لم يُلقِ له الكثير بالاً، إذ استعاد العالم عافيته منذ فترة طويلة، وعادت عجلة الحياة الطبيعية تدور كما كانت من قبل، إلا أن دروس هذا الوباء وعِبره ستبقى ماثلة أمام البشرية، وتجربة عنيفة ستترك أثرها في عديد المجالات والخبرات. فيروس بالغ الضآلة، أعاد الحضارة إلى عالم الكهف، ودمر اقتصادات كبرى، وشكل امتحاناً عسيراً للقدرات العلمية والتكنولوجية التي ظن العالم أنه بات حصيناً بسببها، غير أن الدرس الأهم الذي ينبغي للبشرية ألا تُغفله، أنها ليست بمنأى تام عن الخطر، وأن عليها أن تولي موضوع الأوبئة الصحية اهتماماً مضاعفاً، وأن تكون على أتم الاستعداد لمواجهة أي وباء جديد، وقد كانت تجربة كوفيد -19 الرهيبة فرصة سانحة لإدراك الأهمية البالغة لتضافر الجهود الدولية، وتعزيز التواصل العلمي والمعرفي بين الجميع في سبيل مواجهة أي خطر أو وباء يحدق بالبشرية، إذ تسقط آنذاك الأجندات الخفية والمصالح الضيقة أمام التحدي الذي يهدد العالم برمته. أما على الصعيد القريب، فقد كانت التجربة السعودية في مواجهة الوباء مرحلة مبهرة باتت أمثولة عالمية في سياسة مواجهة الأوبئة، وتجنيب البلاد وسكانها تداعيات الوباء وآثاره السلبية، وعكست سرعة وحصافة التعامل مع الجائحة السياسة الحكيمة لقيادتها، ومدى ما تملكه المملكة من قدرات وإمكانات سخرتها الدولة لتخفيف آثار الوباء إلى أقصى حد، وقد كان حرص القيادة الرشيدة على حماية مواطني هذه البلاد المباركة ومقيميها، صحياً واقتصادياً، ملحمة لا تنسى في سيرة دولة جعلت كرامة الإنسان ورفاهيته أولوية وهدفاً سامياً.