لو تأملنا ما يحدث في هذا الكون، من المشكلات، والخلافات، والقلاقل، والفتن، والعداوات، والانحرافات الفكرية والعقائدية، وقطيعة الأرحام، والظلم، وغيرها من المشكلات التي لا تعد ولا تحصى، لوجدنا الأصل في ذلك يعود إلى مخالفة سنة الله في خلقه، وطاعة من عصى أمر الله، وكابر، ورفض السجود لأبينا آدم عليه السلام، وادعى أنه خير منه، ثم حسده في الجنة، ووسوس له حتى أغواه هو وأمنا حواء، فأكلا من الشجرة التي منعهما الله من الأكل منها، ثم أخرجا بعد ذلك من الجنة، وأهبطا إلى الأرض، ولم تتوقف العداوة عند ذلك؛ بل عندما أخرج الله إبليس من الجنة، طلب من الله أن ينظره إلى يوم الدين، فأعطاه الله ذلك. فتأمل معي هاتين الآيتين الكريمتين: «قالَ فَبِما أَغوَيتَني لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ»، «ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ». فكان وعد الله له هو ومن اتبعه في الآية التالية: «قالَ اخرُج مِنها مَذءومًا مَدحورًا لَمَن تَبِعَكَ مِنهُم لَأَملَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُم أَجمَعينَ»، هذه القصة بدأت قبل آلاف السنين اللتي لا يعلمها إلا الله وعصى الكثير من البشر والأمم المولى جل وعلى ونفذ إبليس -أعاذنا الله وإياكم منه- وعده، وحل على هذه الأمم والأقوام من أنواع العقوبات كالطوفان والغرق والأعاصير والجوع والحروب وغيرها، ومع ذلك لم يعتبر أغلب البشرية لحكمة يعلمها الله وسيستمر الحال حتى قيام الساعة ثم تنتهي هذه الرحلة الطويلة إلى ميزان الأعمال الحسنات أو السيئات ثم إلى طريقين لا ثالث لهما إما إلى الجنة أو العذاب، وهنا يكون الفوز الحقيقي أو الخسارة الأبدية، جعلنا الله وإياكم ممن يرون الحق حقاً فيتبعونه ويرون الباطل باطلًا فيجتنبونه، ورحمنا وإياكم برحمته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.