الحوار مطلب أساسي لنجاح الأسرة واستمرارها في ركب الحياة ، فهو تفاعل بين أفراد الأسرة الواحدة عن طريق المناقشة ، والحديث عن كل ما يتعلق بشؤون الأسرة ، فالحوار عنصر هام في حياة الأفراد المتعايشين مع بعضهم البعض ، فهو يثري الخطة بعناصر التفاعل ، ويشجع أعضاء الأسرة على العطاء والنماء ، ويحفظ لهم كرامتهم وحقهم في إبداء الرأي ومعالجة الخلل وتطوير العمل نحو أداء أفضل وأنفع ، ويقرب وجهات النظر ، ويوحد الصف والكلمة ، فيتولد من ذلك الألفة والمحبة والتواصل فيما بينهم ، ويعمق شبكة العلاقات حتى تعود قوية متماسكة من الداخل ، ولا يكون التماسك مجرد مظهر فقط ، بينما كل فرد منعزل عن الآخر ، فثقافة الحوار الأسري ليس عنواناً مبهماً أو حديثاً جديداً ابتدعه الناس ، فهي جزء مؤصل من منهاج شريعتنا الإسلامية { وشاورهم في الأمر } ومالك الملك الذي بيده كل شيء تبادل الحوار مع مخلوق من مخلوقاته { ولقد خلقناكم ثم صوَّرناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس لم يكن من الساجدين . قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك . قال أنا خير منه خلقتَني من نار وخلقتَه من طين . قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبَّر فيها فاخرج إنك من الصاغرين . قال انظرني إلى يوم يُبعثون . قال إنك من المنظرين . قال فبما أغويتَني لأقعدَنَّ لهم صراطك المستقيم . ثم لأتينَّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجدُ أكثرهم شاكرين . قال اخرج منها مذءومًا مدحورًا لمن تبعك منهم لأملأنَّ جهنم منكم أجمعين } فمن خلال هذا الحوار الإلهي مع الشيطان تبرز حقيقة الثواب والعقاب ، الخير والشر ، الإيمان والكفر ، وما كان لصورة هذه الحقيقة أن تكتمل من دون هذا الحوار ، وما كان لهذا الحوار أن يقوم من دون وجود الآخر ، ولم تبتعد سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام عن تلك القواعد والثقافة الحوارية سواء كانت حوارات أسرية أو تربوية أو اجتماعية أو عقائدية ، فأرسى قاعدة التفاهم والحوار بين المحيطين به على اختلاف أجناسهم ، فإن كان في موقف تربوي يتحاور بأسلوب تعليمي تأصيلي ، وإن كان في موقف حياتي أسري غرس مفهوم التأصيل الأسري ، فالأحرى بنا أن نُفَعِلْ هذا المحور في حياتنا ، ونجعله ذو هدف ايجابي نستطيع من خلاله بناء أسرة سوية صالحة بعيدة عن الانحراف الخلقي والسلوكي ، ويتعلم من خلاله كل فرد في الأسرة أهمية احترام الرأي الآخر ، والاعتراف بحقه ، وأن يكون الإقناع والحجة والدليل هو السبيل إلى تبني الرأي والدفاع عنه ، فالحوار الأسري البناء له مردود ايجابي في حل كثير من المشكلات التي تواجه الأسرة والمجتمع في وقتنا الحاضر ، وهو من أهم وسائل الاتصال الفعالة والتي تحقق نتائج نفسية وتربوية ودينية واجتماعية ، وضياعه يعد من أحد العوامل الأساسية في نشوء الأفكار المنحرفة لدى الجيل الناشئ ، فالأسرة الناجحة هي الأسرة التي تبني ركائزها ولبناتها على التفاهم العميق بين أفرادها ، فالحوار البناء من أعظم وسائل تحقيق ذلك فهو لغة التواصل الأعمق أثرا وأكثر كفاءة . همسة : الحوار يولد الأفكار . ومن أصدق من الله قيلاً ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) . ناسوخ / 0500500313