مع تعاظم أدوار الذكاء الاصطناعي وتوسع استخداماته في جميع مجالات الحياة العلمية والعملية دون استثناء، أصبح من الضرورة القصوى بمكان أهمية سن نظام للذكاء الاصطناعي، وذلك لتنظيم بيئة عمل خلاقة ومبدعة وآمنة لجميع المستفيدين، بحيث يضمن هذا النظام للجميع استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل آمن ومسؤول، وخصوصاً فيما يتعلق بالتحديات الأخلاقية التي أصبحت تشكل هاجساً كبيراً للمستخدمين، كما يجب أن يعالج النظام أي تهديد محتمل على مستقبل البشرية. تأتي أهمية تحديد معايير أخلاقية لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في مقدمة أولويات سن نظام للذكاء الاصطناعي، وذلك لضمان تطبيق هذه المعايير في جميع المجالات التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي. كما أنه من الأهمية بمكان ضرورة تحديد معايير وقواعد للشفافية للاستخدامات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، مثل توضيح جمع البيانات واستخدامها وتحليلها، وذلك لضمان التعامل الآمن المسؤول مع البيانات الشخصية، لكي نتلافى الكثير من المشكلات التي تعاني منها بعض دول العالم بهذا الخصوص، وازدادت حدتها في الأونة الأخيرة. وهنا أقترح على مجلس الشورى وجهات الاختصاص ضرورة المسارعة في سن نظام للذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية، نظراً للحاجة الكبيرة والمتزايدة لذلك يوماً بعد آخر، وذلك لأهمية هذا النظام في حفظ جميع الحقوق المترتبة على استخدامات الذكاء الاصطناعي لجميع الأطراف المتعاملة به. وما لم تسارع جهات الاختصاص بسن نظام للذكاء الاصطناعي، فإنه سوف تنشأ حاجة ماسة لوجوده، نظراً للإقبال الكبير على استخدامات الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات، وما يكتنفها من مشكلات نظامية وأخلاقية لن يعالجها إلا وجود نظام يحكم التعامل بين جميع الأطراف ويحفظ حقوقها. كما أن وجود نظام كهذا سوف يعالج وجود ثغرة قانونية وفراغ تشريعي لا بد من تلافيه، وهنا أستحضر بداية دخول جوال الكاميرا للمملكة وما صاحبه من وجود بعض المشكلات في ذلك الوقت، وحينها تقدمت بتوصية لمجلس الشورى مصحوبة بمذكرة تبرر ذلك، إبان فترة عضويتي في المجلس الموقر آنذاك، وحصدت التوصية جميع الأصوات في ذلك اليوم، وكانت تنص على ضرورة سن نظام لمكافحة جرائم المعلوماتية، وقد أثمرت -ولله الحمد- عن ظهور نظام مكافحة جرائم المعلوماتية المعمول به حالياً، بعد دعم هذا النظام ودراسته في جهات الاختصاص التي ساهمت بشكل كبير في ظهوره إلى حيز الوجود، حيث أسهم بقوة في معالجة الكثير من القضايا والمشكلات الناجمة عن إساءة إستخدام التقنية من البعض، وهنا يعيد التاريخ نفسه وما أشبه الليلة بالبارحة، فلا بد لنا من الاستفادة من التجارب والخروج منها بما يخدم وطننا الغالي وقيادته الرشيدة حفظها الله وشعبه النبيل. *أستاذ نظم الحكومة الإلكترونية والمعلوماتية بجامعة الملك سعود