لم تزاورنا يوماً ما، فكرة توحي بأن هذا السجل الأخضر الصغير في حجمه الكبير في مقامه والذي نحتفظ به في الأدراج الإلكترونية المنزلية كوسيلة عبور إلى دول العالم أجمع؛ أنه الوطن الذي يحمينا أينما ارتحلنا. هذا هو شعور كل مواطن سعودي بل عربي، اعتراه من الفخر ما اعتراه، وتلبس من وشاح العز ما زاده شموخا، وارتعش جسده بقشعريرة وطنية وهو يرى بلاده كالأب الحاني الذي يخشى على أبنائه من رياح الشتات وأعاصير الضياع بل امتدت يمين العطاء إلى حفظ أبناء جيرانه. هذا هو وطني، وهذه وسائل الإعلام تتصدر المشهد التاريخي للحماية الأمنية السعودية للمواطنين والأشقاء العرب ومواطني الدول الأوروبية في جمهورية السودان الشقيقة. ما أجمله من فخر، وما أزهاه من حبور. حيث سُيِّرَتْ لهم الأساطيل، ولم تشغلها بذلك أفراح العيد حفظاً للدم السعودي والعربي. تاريخياً لسنا حديثي عهد بالمسؤولية الإنسانية، تجاه النزاعات القومية لأي بلد، فنحن السباقون والأولون ولنا سيادتها. إلاَّ أنه في وقت تكاثرت فيه الأبواق الناقمة على منابر الشعوب، والأقلام المحرضة ضد وحدتنا السعودية، ألجمنا إساءتهم بإحساننا، لا نبتغي بذلك جزاءً ولا شكوراً، بل نبرهن للعالم أننا الوطن الذي احتضن أوطانا تحت جناحيه. في ليل تمازج صباحه بمسائه، وتسابقت أدخنة الرصاص إلى رئتي الأرواح الوجلة، وتناثرت شظايا القنابل بين المنازل الآمنة، أصبح الكل يبحث عن الجواز الأخضر (السعودي) ليتدثر بالأمان من بين أنقاض الفزع ويتوسد العز ومن ثّم يشعر بقيمته الوطنية أمام العالم. ما كنّا لنكون بعد فضل البارئ عز وجل ومن ثم وجود قائد محنك يعنى بمصالح رعيته ويسهر على ضمان أمانهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- يشاطره الطموح والهمة يمينه الملهمة ولي عهدنا الشاب وحافظ سرنا المبين الذي رسم لنا الأحلام حقائق واقعية ومنجزات عالمية نفاخر بها الشرق الأوسط. ولست أركن إلى عدد معين ممن تم إجلاؤهم من جمهورية السودان إذ أن العدد في ازدياد، ولا غرابة لطالما أجنحة الود التي تحلق بها بلادي لحماية الإنسان أولا ما زالت تهبط وتنتشل المواطنين والمقيمين لحمايتهم. ولعل التاريخ يذكر ويسطر العرس الإنساني الذي تشهده قاعدة الملك فيصل الجوية بجدة، حيث تتم هناك الأفراح وتنهمر الدمعات ونشاهد السجدات على ثرى هذا الوطن. لله درك من ثرى.