بدأ نمو الاقتصاد السعودي يأخذ مساره التصاعدي منذ عام 2021، مدعوماً بالاقتصاد النفطي وغير النفطي، مما زاده تنوعاً وأكثر استدامةً. هذا لم يكن ليتحقق لولا الرؤية ذات الأبعاد والآفاق طويلة الأجل، وتحمل بين طياتها أهدافاً استراتيجية طموحة، مستندة على بيانات الحاضر وتوقعات المستقبل. فمنذ بداية الرؤية قي 2016 وإعادة هيكلة الاقتصاد بقصد تنويع القطاعات الاقتصادية غير النفطية، تراجع النمو الاقتصادي مؤقتاً، وهو أمر طبيعي، لاستيعاب المتغيرات الجديدة واستثمارها لصالحه لكي يستعيد عافيته. إنه التأثير الإيجابي اللاحق Lag effect عندما تتلاشى نقاط الضعف وتزداد نقاط القوة، باستثمار الفرص النوعية ذات العائد الاقتصاد المباشر وغير المباشر بتموجاته الايجابية نحو المزيد من النمو وتوظيف الموارد المالية والبشرية في بيئة اقتصادية خصبة ومتنامية. إنها رؤية النمو والتخطيط الاستراتيجي ذات لنظرة البعيدة، لتعظيم الانتاجية الاقتصادية واستغلال الموارد والميز النسبية والتنافسية افضل استغلال من أجل تأمين المستقبل وتفادي المخاطر واجتياز العقبات والتحديات المحتملة. إنها الرؤية التي تحدث صدامات ارتداديه ايجابية وتمتص الصدمات الاقتصادية الخارجية المباشرة وغير المباشرة من أزمة كوفيد19 الى أزمة أوكرانيا وتحويلها الى فرص استثمارية بإيجابيات تفوق سلبياتها. بدء الاقتصاد رحلة النمو في 2021، بمعدل نمو 3.2 % بالأسعار الثابتة ليبلغ إجمالي الناتج المحلي الأسمي 3.136 تريليون ريال أو 834 مليار دولار، وواصل نموه بمعدل 8.7 % في 2022، وهو الأعلى منذ 2011 والأعلى عالمياً، مدعوماً بنمو الأنشطة النفطية وغير النفطية والحكومية بمعدلات بلغ متوسطها: 15.4 %،5.4 %، 2.2 % على التوالي، ليصل إجمالي الناتج المحلي الاسمي إلى 3.957 تريليونات ريال أو 1.055 تريليون دولار، وذلك لأول مرة في تاريخ الاقتصاد السعودي. ومن المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي في الاعوام التالية: 2023، 2024، 2025، بمقدار 3.1 %، 5.8 %، 4.5 % على التوالي، وفقاً لتقرير وزارة المالية. وتستهدف المملكة مضاعفة حجم الناتج المحلي الإجمالي الى 6.4 تريليون ريال أو 1.7 تريليون دولار في 2030. وهذا ليس بمستحيل بل يمكن تحقيقه، فقد حقق إجمالي الناتج المحلي نموا بلغ 7.1 % بالأسعار الجارية في 2022، فلو استمر متوسط معدل النمو عند هذا المستوى في السنوات القادم حتى 2030، لوصل إجمالي الناتج المحلي إلى 5.957 ترليونات ريال أو 1.588 تريليون دولار وهو على مسافة قريبة من المستهدف. وذلك نتيجة تنويع الاقتصاد غير النفطي الموازي لاقتصاد النفط، وارتفاع مشاركة الصادرات غير النفطية الى الواردات، القطاع الخاص، الاستثمارات الأجنبية، الإنفاق الاستهلاكي، في إجمالي الناتج المحلي، حيث تستهدف الرؤية رفع مساهمة القطاع الخاص إلى 65 %، المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 35 %، جذب استثمارات مباشرة في كل قطاع من قطاعات المملكة بقيمة 3.4 تريليونات دولار. هكذا ينمو الاقتصاد كلما كان قادر على إنتاج المزيد، اعتماد على مقدار رأس المال والعمالة والموارد الطبيعية والتكنولوجيا والمعرفة. فقد شجعت السياسات الاقتصادية على نمو الاقتصاد تراكمياً، وهو الملاحظ بالفعل في السنوات الاخيرة، بتحول منحنى إمكانيات الإنتاج أو منحنى إجمالي العرض إلى المسار الصاعد على المدى المتوسط والطويل.