هل يمكن لدولة أن تمضي في مشروعاتها التنموية ورؤيتها النهضوية في منطقة تغلي بالنزاعات والصراعات والأيديولوجيات المتضادة؟ الإجابة حتماً بالنفي، فالدول ليست جُزراً معزولة بمنأى عن تأثير وتداعيات الأحداث المحيطة، قريبها وبعيدها، وهذا ما ينعكس في نهج السياسة السعودية، والتي قامت على الدوام بدعم الأمن والسلام وتعزيز الاستقرار في المنطقة والعالم، وهي في نهجها هذا تنطلق من موقع قوة وتماسك وثبات على المبادئ، وقيمها الإسلامية الداعمة لما فيه خير البشرية جمعاء، وإدراكاً من قيادتها أن نهضتها وتقدمها لا يمكن أن يكونا بمعزل عن محيطها الإقليمي ونطاقها الجيوسياسي. تتحرك المملكة مؤخراً بصورة مكثفة لترتيب الملفات الإقليمية، وخلق روح جديدة للسلام والاستقرار في المنطقة، من رؤية حكيمة تتطلع لإخراج هذه المنطقة العصية على الاستقرار من أمراضها المزمنة، ووضعها على مسار المستقبل والتحديث وتحقيق رفاه شعوبها، وهذا ما كان له أن يحدث في ظل صراعات مفتوحة، وحالة عداء وانقسام، تعطل جهود التنمية وتحقيق السلام في المنطقة، والمملكة في سعيها لنشر هذه الروح الإيجابية تراهن على حجم الثقة بسياستها الحكيمة التي عكست نتائجها في السنوات الأخيرة صوابية الموقف السعودي تجاه كثير من القضايا، الأمر الذي عكسه تغير مواقف بعض الذين ناصبوها العداء قبل أن ينقلبوا على مواقفهم، ويعيدوا تقييم المواقف البناءة للمملكة، ومن جهة ثانية تراهن المملكة على سأم قيادات وشعوب المنطقة من حالة الاضطراب والفوضى التي عصفت بأحلامهم واستقرارهم، وباتوا يرون في النموذج السعودي طوق نجاة ينتشل المنطقة من ركامها ونزاعاتها إلى شاطئ الاستقرار والسلام. هذه الروح الجديدة في المنطقة لن تعدم المشككين والكارهين ومحاولات العرقلة والتعطيل، لكن من يتأمل مسار السياسة السعودية لا سيما في السنوات الأخيرة يحدوه يقين عميق بنجاعة هذه السياسة وقدرتها على تحقيق أهدافها بحول الله.