أصبحت الرياضة حاضراً صناعة، لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين فقط، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي، وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها ويتابعون تفاصيلها. تكشف البطولات الكبرى لكرة القدم عن التفاتة رجال السياسة والثقافة إلى ذلك المعشب الأخضر الجذاب، فيتحول رجال الصف الأول في البلدان مع المثقفين في لحظات إلى مشجعين من الدرجة الأولى في مدرجات الملاعب أو مهتمين خلف الشاشات الفضية. يحضر الكثير من الصفراء للأندية التي لم تطور مستوياتها والحمراء للإعلامي الرياضي المتعصب الساسة والمثقفين إلى مدرجات الملاعب خلف منتخبات الوطن. «دنيا الرياضة» تكشف الوجه الكروي لغير الرياضيين عبر زاوية «الخط الأبيض» التي تبحث عن رؤيتهم للرياضة، وتبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم، وضيفنا اليوم هو الدكتور فارس بن صالح الذكري، أستاذ التاريخ المشارك بجامعة الملك سعود. * بداية، ما علاقة التاريخ بالرياضة؟ اعتزال ماجد عبدالله آخر عهدي بالملاعب جامعاتنا لا تقف ضد طلابنا المميزين رياضياً أنا نصراوي والرمادي اللون المفضل بمنزلي * للتاريخ ارتباط وثيق وعلاقة مهمة بكل جوانب الحياة، والرياضة من أهم المجالات التي يرتبط التاريخ فيها ارتباطاً وثيقاً، لأنه يدرس تاريخ كل نوع من أنواع الرياضة من حيث بداياتها والتطورات التي مرت فيها، وتأثيراتها في الأحداث المحلية والعالمية من جميع الجوانب، وبالوقت نفسه يقدم نظرة مستقبلية لهذه التأثيرات وانعكاساتها على الأحداث في مختلف المجالات. o الظواهر والتقليعات الغربية التي بدأت تكثر في مجتمعنا وتحديداً بين اللاعبين السعوديين هل تدخل دراستها ضمن نطاق عملكم؟ o نعم بصفتي أكاديمي تنال دراسة هذه الظواهر اهتمامي لأن الشباب يشكلون الأساس في مجتمع الجامعة، ولكن هذه الاهتمام يبرز أكثر لدى المختصين في الجامعة بالدراسات الاجتماعية إذ دراساتها من أهم مجالات تخصصهم. o وبصفتك مسؤولاً في إحدى أكبر الجامعات السعودية، كيف تقيم إقبال الشباب السعودي؟ وهل ترى في ذلك ظاهرة صحية أم لا؟ o لدى الشباب السعودي إقبال كبير جداً على الاهتمام بالرياضة لا سيما في الفترة الأخيرة مع اهتمام الدولة بهذا الجانب، وهذا لا شك ظاهرة صحية لأن الرياضة من وسائل الترفية التي لها انعكاسات إيجابية على المجتمع، فكما يقال الرياضة تجمعنا فالجامعات لديها رسالة مجتمعية ومنها نشر الرياضة. o هل يمكن للجامعات أن تضع برامج تساهم في تطوير الرياضة؟ o بكل تأكيد فالجامعات لديها رسالة مجتمعية يفترض أن تؤديها على أكمل وجه والرياضة من أهم اهتمامات المجتمع ولدى الجامعات إمكانات كبيرة للإسهام في تطوير الرياضة من مختلف الجوانب. o في أميركا المتطورة علمياً وثقافياً تعتمد الرياضة بأنواعها بشكل رئيس على الجامعات بينما يعاني الرياضي الجامعي لدينا من شبح الحرمان والفصل لو حدث أن غاب عن بعض المحاضرات لمشاركته في بطولة ما.. ترى أين يكمن الفرق؟ وما الطريقة الأصح بيننا وبينهم؟ o لا أتفق معك بأن جامعاتنا تقف هذا الموقف السلبي من الرياضيين لا سيما من لديهم ارتباط مع الأندية المحلية بل إنها تشجع على ذلك وتعمل على تذليل كل التحديات التي تواجه تلك الفئة. o هل توافقني الرأي بأن أسرع وسيلة لإيصال أي رسالة كانت هي الرياضة من دون غيرها وخاصة إذا كانت الرسالة موجهة للشباب؟ o أتفق معك تماماً، وهذا شي واقع ومشاهد وملموس. o أين تتوقع أن يصل المشهد الرياضي الجامعي على المستوى العالمي؟ o الجامعات في الغالب هي نقطة الانطلاق للشباب من أصحاب الهوايات والمهارات لا سيما الفنية والرياضية، والجامعات لديها منافسات رياضة خاصة بها وهي تتطور على المستوى المحلي والعالمي لكن لا يمكن أن نتوقع منها أنت تصبح منافس للأندية الرياضية التي هذا مجال اهتمامها في المقام الأول. o هل يمكن أن تتبنى جامعتكم كرسياً بحثياً للرياضة؟ o جامعة الملك سعود تبنت هذا الشي وهو جزء من اهتمامها، إذ لديها كلية خاصة بالرياضة هي كلية علوم الرياضة والنشاط البدني، ويوجد بهذه الكلية كرسيان بحثيان يختصان بالرياضة هما: كرسي أبحاث معهد إعداد القادة، وكرسي أبحاث وزارة الرياضة. o ما الذي تراه في الأندية الرياضية حالياً؟ وما المأمول منها؟ o ليست على مستوى واحد، فهناك أندية تعمل على تطوير ذاتها والدخول في المنافسات العالمية، والمأمول منها الاستمرار في هذا الطريق حتى تصبح هذه الأندية في مقدمة الأندية العالمية، وهناك أندية منشغلة في مشكلاتها الداخلية وتشهد تراجعاً كبيراً في مستوياتها بل بدأت تفقد وجودها في المنافسات المحلية، والمأمول منها تحسين أوضاعها ومواكبة التطور الذي تشهده الرياضة لدينا بكل ما هو متاح من خيارات أمامها، وأعتقد أن وزارة الرياضة لن تتخلى عنها بشرط أن تتخلى هي عن الانشغال في مشكلاتها الداخلية التي من السهل حلها متى ما قدمت مصلحة النادي على المصالح الشخصية. o ما الذي تريد أن يقدم من وجهة نظرك كمتخصص في التاريخ؟ o أن تستفيد الأندية التي تريد تطوير نفسها من التجارب الناجحة للأندية العالمية، وبالوقت نفسه تتجنب التجارب الفاشلة. o أثبتت الأرقام والإحصائيات انخفاض الحوادث المرورية بدرجة كبيرة بعد تطبيق نظام "ساهر"، هل تقترح نظاماً مشابهاً لحل مشكلة التعصب الرياضي؟ o نعم لا بد أن يكون هناك إجراءات صارمة وسن تشريعات وقوانين تجرم التعصب الرياضي الذي له انعكاسات خطيرة على المجتمع وعلى مستوى الرياضة، ولعل مجلس الشورى في نهاية شهر شعبان الماضي وافق على نظام الرياضة الذي نص في إحدى مواده على تجريم هذا السلوك ومعاقبة من يرتكبه بالسجن مدة لا تزيد على سنة أو غرامة مالية لا تزيد على 100 ألف أو بهما جميعاً، وهذا ما نتمنى سرعة تنفيذه لأنه بلا شك سيكون له دور فعال وكبير في الحد من ظاهرة التعصب الرياضي. o أعتقد أنك معي حول حسابات الأندية المتابعة وكثافتها بتويتر بأنها لا تزال بعيدة عن الحملات التوعوية.. o نعم أتفق معك تماماً، ولعل السبب في هذا هو أن معظم الأندية تهتم بالجانب الرياضي فقط وتهمل الجوانب الأخرى مثل الاجتماعية والثقافية، وهي مهمة جدا، بل ومن الأدوار الأساسية التي يجب أن تقوم بها الأندية نحو خدمة المجتمع. o بين رواتب اللاعبين ورواتب الأكاديميين، من يغلب من؟ o ليس هناك أي مقارنة فنحن كأكاديميين قد لا نستطيع أن نقرأ بعض الأرقام الفلكية للمبالغ التي يتحصل عليها بعض اللاعبين، وندعي لهم بالبركة وعسى الله يرزقنا. o هل تعتقد أن لغة المال طغت على جانب الإبداع والإخلاص؟ o نعم وتزداد طغياناً في ظل عدم المراقبة والمحاسبة، وهي نوع من الفساد الذي تهتم قيادتنا الرشيدة في محاربته. o هل سبق أن أقدمت على عمل وكانت النتيجة تسللاً بلغة كرة القدم؟ o أكيد هذه سنة الحياة، فأحياناً يقدم الإنسان على بعض الأعمال وتأتي النتائج على غير ما يريد ولكن يستفيد من هذا بتصحيح الخطأ والاستفادة من التجربة. o في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس، فما الذي يقابل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى طبياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً؟ o كذلك هؤلاء يحصلون هم الآخرون على مكافأة وجوائز تليق في مقامهم وفي المجال الذي يعملون فيه، فهناك جوائز مثل: جائزة الملك فيصل، وجائزة نوبل وغيرها، والأهم من هذا كله أن هؤلاء يخلدون أسماءهم في التاريخ بمنجزاتهم في خدمة البشرية. o العقل السليم في الجسم السليم، عبارة نشأنا عليها رغم خطئها، فكم من شخصية عبقرية لا تملك جسداً سليماً، باختصار نريد منك عبارة بديلة منك لجيل المستقبل؟ o العبارة الصحيحة هي القراءة غذاء الروح والعقل. o هل ترى أن الرياضة ثقافة؟ وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ o نعم الرياضة داخلة في الثقافة من خلال طريقة ممارستها والتعامل معها وفق هوية المجتمع وعاداته وقيمه، وهذا يتضح أكثر في ممارسة طقوس الاحتفال بالفوز مثلا في أي نشاط رياضي، وفي تعامل اللاعبين داخل الملعب والجماهير في المدرجات. o في نظرك هل الرياضة تفرق أم تجمع؟ ولماذا؟ o بل تجمع لما فيها من الترويح عن النفس والاستمتاع بفنونها وغالباً ما نسمع عبارة (الروح الرياضية) للتعبير عن سعة الصدر وتحمل أخطاء الآخرين. o بمعيار النسبة المئوية ما نصيب الرياضة من اهتماماتك؟ o عالية جداً من خلال ممارستي اليومية لها ومن خلال الاستمتاع بمشاهدة المنافسات الرياضية المختلفة. o متى كانت آخر زيارة لك للملاعب الرياضية؟ وأي لقاء حضرت؟ o منذ اعتزال ماجد عبدالله كرة القدم اعتزلت الحضور إلى الملاعب فكانت مباراة اعتزاله عام 1998 آخر مرة حضرت فيها إلى الملعب، لكن لا أستبعد أن يعيدني كرستيانو رونالدو إلى مرسول بارك القريب مني. o بصراحة ما ناديك المفضل؟ o العالمي النصر. o أي الألوان تشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ o الرمادي. o لمن توجه البطاقة الصفراء؟ o للأندية التي لم تحاول تطوير مستوياتها لمواكبة التطور الذي تشهده بلادنا في الوقت الحاضر. o والبطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ o للإعلامي الرياضي المتعصب. o لو خُيرت للعمل في حقل الرياضة من أي أبوابها ستدخل؟ o من الباب الثقافي أو الإداري. o روشته اجتماعية توجهها إلى الجماهير السعودية؟ o التشجيع بحماس لا يعني التعصب، إنما التعصب هو إيذاء الآخرين باللسان أو باليد أو بأي وسيلة كانت. الضيف مع د. بدران العمر ود. نايف آل سعود في احتفال بالجامعة د. الذكري في رحلة خارجية الضيف مع ابنتيه ريما وغنى في رحلة خارجية ماجد عبدالله الضيف خلال اليوم الوطني مع عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية د. عبدالوهاب أبا الخيل رونالدو من بطولات النصر