انطلاقاً من ركائز المملكة الراسخة، في علاقاتها الخارجية القائمة على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، والعمل على وضع حلول لأي نزاعات أو صراعات قد تحدث، تمكنت السعودية من التوصل إلى حل ينهي الحرب في اليمن. هذا النجاح المبهر الذي حققته المملكة في اليمن، جاء عقب ماراثون طويل من التصلب في المواقف جراء انعدام الثقة بين الأطراف المتقاتلة، كما أنه لم يكن وليد اللحظة أو بالصدفة، فعلى مدار 9 سنوات منذ بداية الحرب في اليمن اتبعت المملكة سياسة الشدة تارة واللين تارة أخرى، بهدف الوصول إلى الهدف الأسمى وهو حقن دماء اليمنيين، وعودة الاستقرار إليه. فالحنكة الجيوسياسية والعسكرية التي يتسم بها سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، هي من وضعت خارطة طريق لمستقبل اليمن، وقد وضع ولي العهد نصب عينيه، عودة الأمن لليمن لأن أي خطر تعيشه فإنه سيؤثر بطبيعة الحال على أمن واستقرار المملكة، من هنا أعلن تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، والإعلان عن عملية «عاصفة الحزم»، من أجل تمكين الحكومة الشرعية وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح. أي أن السعودية عملت في طريقين الأول العمل العسكري في اليمن، والآخر العمل الدبلوماسي والشق السياسي، والذي أفضى إلى إبرام اتفاق لإعادة العلاقات مع إيران، فالسلام مع إيران هو إنهاء للحرب في اليمن أو على الأقل الالتزام بوقف دائم لإطلاق نار. ولا ننسى هنا الدبلوماسية السعودية المرنة التي لعبت دوراً محورياً في تذليل خطوات التقارب بين الرياض وطهران، والدور الكبير الذي قام به كل من وزير الخارجية سمو الأمير فيصل بن فرحان، الذي أجرى محادثات مع المسؤولين إيرانيين ولقائه الأخير بنظيره حسين عبداللهيان، لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق مع إيران، وكذلك سفير المملكة في اليمن محمد آل جابر. هذه الخطوات والمجهودات التي قامت بها المملكة، يجب اغتنامها والبناء عليها، وفرصة حقيقية لبدء عملية سياسية شاملة تحت مظلة الأممالمتحدة لإنهاء الصراع بشكل مستدام. ولا شك أن إنهاء الحرب في اليمن، سيعود بالنفع على اليمنيين من خلال عودتهم إلى بلدانهم من الدول التي تستضيفهم، مثل: السعودية ومصر والأردن وعدد من الدول الأوروبية، كما أنه سيدفع إلى عقد مؤتمر دولي بمشاركة دول التحالف لإعادة الإعمار في اليمن، وتعيين حكومة شرعية على توافق دولي وأممي. وأعتقد أن معاول البناء والسلام والاستقرار والتنمية التي تحملها المملكة وقيادتها الرشيدة في المنطقة، تستحق التقدير الدولي، وتكريمها بواسطة منح جائزة نوبل للسلام لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وبحكم خبرتي وكوني متابعاً للأحداث العالمية والمحلية والإقليمية، أتوقع أن تتسع عدوى السلام في المنطقة، لتصل إلى سورية ولبنان، مثلما يحدث مع اليمن وإيران، ولا سيما أن هناك أصواتاً في دمشق وبيروت تنادي بأن يكون لديها قائداً مثل عراب الرؤية سمو الأمير محمد بن سلمان.