تحدث المخرج السينمائي السعودي عبدالله المحيسن، بكل أريحية في اللقاء الذي نظمته جمعية "إعلاميون" في الرياض بعنوان "حكاية السينما السعودية.. عبدالله المحيسن أنموذجاً"، وتطرق إلى رحلته في الحياة، مع تركيز كبير على أبرز محطاته في صناعة السينما، من بداية تفكيره في هذا المجال وتحمل معارضة والده ورفض المجتمع لهذا التخصص وأنه يراه مخالفاً في الإطار الديني. كان هذا في الندوة التي أدارها أ. ناصر الصرامي وقدمها المذيع محمد الشريف، حيث تضمنت أن السينما وضعت المحيسن في مواقف صعبة جداً، كان من بينها عند مشاركته في مهرجان بغداد للسينما بدعوة من العراق، أن رئاسة الجمهورية العراقية بقيادة صدام حسين، وجهت بحذف مقدمة فيلم "اغتيال مدينة"، فرفض ذلك وانسحب من المهرجان ووعد العراقيين بعدم الحديث لوسائل الإعلام عن ذلك، مؤكداً أن حذف المقدمة هو بمثابة نسف العمل ككل وجعله بدون قيمة، وأن العمل السينمائي كتلة واحدة لإيصال رسالة وحدة وواضحة وبسيطة. وتطرق المحيسن إلى بداياته الدراسية سواء في الرياض أو مرحلة الثانوية العامة في لبنان، ثم الانتقال للندن لدراسة السينما، وحتى يستطيع تأمين مصاريفه بدأ مصوراً فوتوغرافياً لتحقيق دخل يساعده على الحياة، وكان من طرائف هذه المهنية أن يجد طلباً من اليهود تحديداً لتصوير مناسباتهم وذلك لرخص ثمن الخدمة التي يقدمها. وكشف المخرج السعودي صاحب التجربة الطويلة أن التكاليف الباهظة لصناعة السينما والإنتاج كانت صعبة جداً بالنسبة للمسؤولين في بعض الجهات الحكومية، قصة له مع إحدى الجهات عندما قدم لهم مشروعاً ب"270" ألف ريال، فاتهمت من المسؤول أن هذا العرض يعتبر "سرقة" وأن ميزانية إدارته الإعلامية لا تتجاوز "150" ألفاً لعام كامل. وأكد أن الميزانيات الإعلامية في الوزارات كانت ضعيفة، ولم تدفع للشركات لتوثيق التحولات التي شهدها الوطن خلال مسيرتها الطويلة التطويرية والحضارية، وأنه استطاع أن ينفذ مشروعاً توثيقياً مع وزارة البلديات لتصوير تطور المدن السعودية وفاز بجائزة عالمية في كندا. وقال المحيسن: إنه عانى كثيراً لنشر مفهوم صناعة السينما في السعودية، حتى مع وزارة الإعلام ومسؤوليها المختلفين، فمتطلبات السينما مختلفة كلياً عن أي إنتاج، وأنه بذل جهوداً كبيرة في هذا الجانب، واستطاع أن يعمل في شركة العالمية أول مونتاج لفيلم وثائقي في العالم تم في المملكة، وأن مختبرات "تحميض" الأفلام السينمائية مكلفة جداً. وتحدث المحيسن عن إنتاجه أول فيلم كرتوني عن صراع القوى العالمية وتأثيرها في العالم العربي، وشارك فيه بمهرجان في القاهرة، فوجد احتفاء كبيراً فيه، وقررت إدارة المهرجان أن يكون في افتتاح المهرجان، وحصل على الجائزة الثانية في مسابقة المهرجان. وأضاف المحيسن أن تأسيسه لشركة العالمية، ساعده في أن يكون مخرجاً سينمائياً سيد نفسي، مشيراً أنه لو عمل مخرجاً مع أي مؤسسة أو تلفزيون لكان مخرجاً يجلب لهم الخسارة، فمواصفات صناعة السينما الوثائقية تحديداً لا تعتمد على الربح بالدرجة الأولى. وشدد المحيسن من خلال الندوة، على أنه يتعب كثيراً في الفكرة الأساسية للفيلم، وأنه يحتاج المراقبة والمتابعة عن قرب، وأنه اضطر إلى السفر عندما بدأت الحرب الأفغانية حتى يتمكن من إنتاج فيلم عن الصراع بشكل حقيقي، واستطاع توظيف الأحداث بعد الوقوف على الحرب والتيارات المتصارعة وكيف تشتغل وتلعب على أبعاد الصراع، لينتج فيلماً يحظى بالاحترام ويحقق رسالته بامتياز. وعن مستقبل السينما في السعودية ودوره في ذلك بحكم خبرته الطويلة، أكد أن مستقبل السينما في السعودية مبشر من خلال جيل شاب مهتم ومحترف ويتابع آخر التطورات في هذه الصناعة وينقلها إلى البلد، موضحاً أن يفكر في عمل فيلم عن المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وكيف أسس أول وحدة عربية وصنع وطناً استثنائياً، وأن سيركز في الفيلم على البعد الفكري لهذا الرجل العظيم لبناء هذا الوطن العظيم. وفي ختام اللقاء كرم د. سعود الغربي رئيس مجلس إدارة جمعية "إعلاميون"، السينمائي السعودي عبدالله المحيسن، وأ. ناصر الصرامي لإدارته اللقاء. الدكتور سعود الغربي مكرماً معالي عبدالله المحيسن