ينبغي على القضية غير المسبوقة المرفوعة ضد دونالد ترمب أمام القضاء في نيويورك، تجاوز عدد من العوائق القانونية إن كانت ستؤدي إلى أول إدانة لرئيس أميركي سابق بتهمة جنائية على ما رأى خبراء قانونيون الأربعاء. فقد اعتبر بعضهم أن نص الاتهام هذا "أقل أهمية" من تحقيقات أخرى تهدد الرئيس السابق ما أثار شكوكاً حول مدى تماسكه. كما كان متوقعاً، حمل المدافعون عن الرئيس السابق على لائحة الاتهام الصادرة الثلاثاء خلال مثول ترمب غير المسبوق أمام محكمة مانهاتن. عبر المحامي جو تاكوبينا عن "ارتياح" عند قراءة نص الاتهام الذي رأى أنه "لا يتضمن أي عنصر مادي جديد" متوقعاً في حديث مع محطة "ان بي سي" أن "تتلاشى" القضية سريعاً. وفي خطوة قل حدوثها، عبر معارضو الملياردير الجمهوري عن استيائهم حيال نص اتهام يمكن في نهاية المطاف أن يخدم ترشيحه للرئاسة في 2024. وقال مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون الذي أصبح من أشد منتقديه لمحطة "سي ان ان"، "هذه الوثيقة "تحزنني" مضيفاً "لقد جاءت حتى أضعف مما كنت أخشى". وفي السياق ذاته، قال النائب السابق لمدير الشرطة الفدرالية أندرو ماكابي الذي أقاله ترمب قبل أيام من تقاعده، بأنه شعر "بخيبة أمل" إزاء التهم ال34 التي وجهت الثلاثاء الى الرئيس السابق وتتعلق ب"تزوير وثائق محاسبية". اتهم الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة بالتلاعب بحسابات شركته لإخفاء دفع 130 ألف دولار لنجمة إباحية لشراء صمتها قبل انتخابات عام 2016. "غير دقيقة" في ولاية نيويورك، يعتبر تزوير وثائق محاسبية عموماً مخالفة بسيطة لكنها تصبح جنحاً تصل عقوبتها إلى السجن أربع سنوات إذا كانت ارتكبت من اجل "إخفاء" جنحة أخرى. في مؤتمر صحافي، أكد المدعي العام الديموقراطي ألفين براغ أن ذلك ينطبق على هذه الحالة لكنه لم يخض في تفاصيل ما قد تكون عليه هذه الجريمة الأخرى متحدثاً عن انتهاكات محتملة لقوانين تمويل الحملات الانتخابية أو التهرب الضريبي. وقال جون كوفي أستاذ القانون في جامعة كولومبيا لوكالة فرانس برس إن "القضاء النيويوركي وخلافاً للقضاء الفدرالي، يجيز توجيه لوائح اتهام غير دقيقة". من جهته اعتبر زميله وليام بانكس من جامعة سيراكيوز أن ملف الاتهام "محفوف بالمخاطر على مستويات عدة" مشيراً إلى مشكلة مصداقية الشاهد الرئيسي في الادعاء، المحامي الشخصي السابق لدونالد ترمب، مايكل كوهين. فقد دفع هذا الرجل للممثلة ستورمي دانييلز من جيبه الخاص لعدم الكشف عن علاقة تؤكد أنها أقامتها مع ترمب في 2006. ويؤكد مايكل كوهين الذي تقاضى المبلغ لاحقاً من منظمة ترمب، اليوم أنه تصرف بناء على طلب من دونالد ترمب. لكن محامي الرئيس السابق يتهمونه بأنه "يكذب بشكل مرضي" ويذكرون بأنه أدين بالتهرب الضريبي من قبل القضاء الفدرالي. فشل يؤكد ريتشارد هاسن أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا على موقع مجلة سلايت أن الملاحقات القضائية في حق ترمب في نيويورك "خطأ قانوني وسياسي". يذكر هذا الخبير المعروف في القانون الانتخابي بأن القضاء الفدرالي فشل عام 2012 في إدانة جون إدواردز المرشح للانتخابات التمهيدية الديموقراطية في 2008 حين تلقت عشيقته حوالى نصف مليون دولار خلال الحملة لإخفاء حملها. يتخوف ريتشارد هاسن من فشل مماثل "سيعطي مصداقية لاتهامات ترمب بتعرضه لحملة شعواء". ويكمن الخطر في تجريد التحقيقات الأخرى التي تهدد قطب العقارات السابق من صدقيتها. يقول وليام بانكس "هذه القضية غير مهمة مقارنة بالقضايا الأخرى" معتبراً أن التحقيق "الاكثر تهديداً" له هو في ولاية جورجيا حيث تنظر مدعية في ضغوط مارسها ترمب على مسؤولين انتخابيين بعد هزيمته في الانتخابات الرئاسية العام 2020. وقال الخبير "هناك تسجيل نسمعه فيه يطالب بأصوات (...)، سيجد صعوبة في إنكاره". من جهته يحقق القضاء الفدرالي في دوره في الهجوم على الكابيتول في 6 يناير 2021 وطريقة إدارته لأرشيف البيت الأبيض. في المقابل، اعتبرت المدعية السابقة باربرا ماكويد، وخلافاً للخبراء الآخرين، أن الملف النيويوركي "متين" لأنه "يستند بشكل أساسي على وثائق" لا سيما شيكات وقعها ترمب لإعادة المبلغ المدفوع، إلى مايكل كوهين. وأضافت "خلافاً للشهود، الوثائق لا تكذب ولا تنسى". وإذا وصلت القضية إلى هيئة محلفين في 2024، سيواجه ترمب عائقاً كبيراً يتمثل بضعف شعبيته في مانهاتن، معقل الديموقراطيين. إدراكاً منه لهذا الخطر، سبق له أن طلب نقل المحاكمة إلى ستاتن آيلاند وهي منطقة تميل أكثر للمحافظين.