تتنوع مظاهر وعادات شهر رمضان المبارك من بلد إلى بلد آخر اليوم نستضيف سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة الدكتور فوزي كبارة، والذي كان أول رمضان صامه خارج البلاد كان خلال تواجده في جدة أوائل التسعينات، وتطرق عن تولي المملكة منذ نشأتها أمور المسلمين من أبناء وطنها أو الزائرين أو الحجّاج والمعتمرين، وتقديم الخدمات المتكاملة والرعاية الوافية كلّ العناية وأقصى درجات الحرص على أمنهم وراحتهم وكرامتهم، وتحدث السفير عن ذكريات الصوم وعن رمضان في لبنان قديماّ وحديثاً فإلى الحوار: * ماذا بقي من ذكريات سنواتكم الأولى في الصيام؟ وكيف كانت أجواء رمضان في لبنان قديماً؟ * شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن أستذكر فيه منذ الطفولة الرغبة الزائدة في عمل الخير وقراءة القرآن وحفظ بعض السور من جزء عمّ، وأستذكر أنه كان يأتي في أيام الصيف، حيث يطول النهار ويكثر العطش، خاصة وأننا كنّا نمارس الرياضة كثيراً في تلك الأيام خلال عطل المدارس أيّام الصيف، أما الأجواء فقد كانت وما زالت أجواء محبّة وتآلف وعبادة وعطاء تعم كافة المدن اللبنانية من أقصى الشمال لأقصى الجنوب. * متى كان أول رمضان تصومونه خارج البلاد؟ o أول رمضان صمته خارج البلاد كان خلال تواجدي في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية أوائل التسعينات، حيث كنت أعمل في شركه هندسية بجدّة مسؤولاً عن توسعه الملك فهد -رحمه الله- للمسجد الحرام فكنت بكل صراحة محظوظا جداً لتواجدي في هذه البقعة المقدّسة من الأرض ليضاعف الله أجريّ بإذن الله بالصيام والقيام وتلاوة القران والعمل الدؤوب ويرزقني أجرها. * ما العادات والتقاليد اللبنانية خلال شهر رمضان المبارك؟ * معظم اللبنانيين يحرصون على ختم القرآن الكريم على الأقلّ مرّة واحدة خلال الشهر الفضيل والكثير ممن لديهم تقصير في أداء الصلاة خلال السنة يحرصون على إتمام فريضة الصلاة خلال شهر رمضان، زكاة الأموال تسدّد خلال هذا الشهر لشرف الزمان وفضيلة العمل الخيري في هذا الشهر الكريم خصوصاً أن "الحسنة بعشرة أضعاف" كما نعلم لذا تنشط الجمعيات الخيرية في تحصيل الأموال من خلال التصريح عن أعمالها الخيرية، تعلو أصوات التكبير في المساجد ويفطر الصائمون عند سماع صوت المدافع إيذاناً بحلول وقت المغرب كما يكثر المصلون في هذه المساجد، خاصة خلال صلوات الفجر والتراويح، ويتطلّع الجميع هناك إلى إحياء ليلة السابع والعشرين من رمضان تكثر العزائم والولائم للفطور والسحور مما يضطر العائلات إلى جدولة الولائم من خلال استخدام مذكرة خاصة بذلك، كما تنشط الأسواق التجارية في العشر الأواخر وتفتح أبوابها لساعات متأخرة من الليل حتى يتسنى للجميع شراء كل ما يتصل بعيد الفطر. * ما الأطباق الرمضانية المشهورة بها المائدة اللبنانية؟ * الأطباق اللبنانية التي يمتاز بها شهر رمضان المبارك تنحصر في المقبلات إذ أن الطبق الأساسي لا يختلف عن باقي الأيام أما المقبلات الشهيرة في رمضان فهي: شوربة العدس، سلطه الفتوش، والفتّة باللبن، والسمبوسة، إضافة إلى التمر وعصير الجلاّب والقمر الدين، كما أن للحلويات العربية مكانة خاصة بعد الأكل، حيث يتهافت الصائمون على محلات الحلويات لشراء حاجياتهم قبل موعد الإفطار. * ما الموقف أو الحدث المرتبط بشهر رمضان وما زال عالقاً في ذهنكم سواءً على الصعيد الشخصي أو العام؟ * استذكر أنه عندما كنت صغيراً كنت أخاف من صوت الطبل النابع لفرقة الوداع المؤلفة من عدّة أشخاص كانوا يجوبون الشوارع ويصعدون إلى الأبنية إيذاناً بقرب انتهاء الشهر المبارك كان صوتهم صاخباً جداً خاصة عندما يدخلون الأبنية وينادون بأسماء أصحاب الشقق طمعاً بتحصيل بعض الأموال، فكنت أفزع كلما اقتربوا من باب المنزل، حيث أسكن وأحاول أن اختبئ بالداخل ريثما يغادرون، الطريف أنهم كانوا يودعون الشهر منذ أيامه الأولى وحتى آخر يوم فيه. * يحظى العُمّار والزوّار خلال شهر رمضان المبارك بمنظومة خدمات متكاملة لتسهيل أداء عباداتهم بكل يسر وسهولة واطمئنان، كيف يرى سعادتكم عناية حكومة المملكة بالحرمين الشريفين خصوصاً في هذا الشهر الكريم؟ * تسعى المملكة العربية السعودية منذ نشأتها إلى أن تولي أمور المسلمين من أبناء وطنها أو الزائرين أو الحجّاج والمعتمرين كلّ العناية وأقصى درجات الحرص على أمنهم وراحتهم وكرامتهم ولا ريب في أن جلالة ملكها أبى إلا أن يسمي نفسه خادم الحرمين الشريفين لما في ذلك من دلالة واضحة على حرصه الدائم لرعاية شؤون المسلمين في سائر بقاع الأرض، وها نحن اليوم نشهد تطوّراً لافتا لهذا البلد العظيم من خلال قيادة مميّزة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أطال الله بعمره- ولسموّ ولي عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان الذي ومن خلال رؤيته الريادية والطموحة اصطفى بالمملكة إلى مصاف الدول الكبرى في العالم، حيث أصبحت تلعب دوراً محورياً رائدا وسبًاقاً لم تشهده من قبل. وأجمل ما في هذا الدور اليوم هو الموقف الوسطي الاعتدالي والتوافقي والذي ينبع من روح الإسلام وطباع المسلمين، آملين أن يمنّ الله علينا في هذا الشهر الفضيل بالإيمان والاستقرار وأن تنعم المملكة العربية السعودية ولبنان وسائر بلاد الله الواسعة بالأمن والسلام، وكل عام وأنتم بخير.