تأتي الانتخابات العامة في الولاياتالمتحدة الأميركية بعد المؤتمرات الحزبية والانتخابات الأولية التي تجريها الأحزاب الرئيسة وهي عبارة عن عمليات حزبية داخلية تجرى لاختيار مرشح للمشاركة في الانتخابات العامة، وذلك عن طريق عقد انتخاب داخلي في الحزب ذاته في بداية عام الانتخابات الرئاسية العامة؛ هذه العملية تعرف بالانتخابات التمهيدية. الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري هي محور حديثنا في هذه السطور القليلة وبيت القصيد سيكون التعريف بأهم المنافسين المحتملين للرئيس السابق دونالد ترمب وهو الذي أعلن في وقت مبكر عن رغبته الشديدة في المنافسة والعودة إلى البيت الأبيض، ونحن بدورنا كمهتمين بالشأن السياسي الأميركي نشارك ترمب هذا الشعور وبقوة بعد أن فقد الأعلام السياسي طعمه ورائحته بخروج ترمب من البيت الأبيض في 2020. عوداً إلى محور الحديث المتعلق بالمنافسين المحتملين للرئيس السابق ترمب والذين يأتي في مقدمتهم وأكثرهم شعبية حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس والذي بحسب المقربين من ترمب يعد مصدر قلق وتهديد لترمب، ولكن أسمح لي عزيزي القارئ أن نؤجل الحديث عن هذا المرشح في نهاية التقرير. نبدأ بالسيدة نيكي هالي الحاكمة السابقة والسفيرة لدى الأممالمتحدة خلال وجود ترمب في البيت الأبيض. هالي تعد أول مرشح جمهوري يغامر بالدخول إلى الميدان منذ أن أعلن ترمب عن رغبته في أواخر العام الماضي، السفيرة السابقة من أصل آسيوي وهذا له وزن كبير داخل المشهد السياسي في أميركا مع ارتفاع الأصوات المطالبة بمشاركة أوسع للأقليات داخل الحزب الجمهوري، ترشيح امرأة من أصول آسيوية سيكون له الأثر الكبير في تغيير الصورة النمطية للحزب الجمهوري ولكن المتابع للمشهد السياسي في أميركا يدرك بأن قلب الناخب الجمهوري ما زال غير مفتوح لهذا المسار. المنافس الثاني مايك بنس الذي شغل منصب نائب الرئيس خلال السنوات الأربع التي قضاها ترمب على المكتب البيضاوي، لتحقيق هذا المقصد بدأ بنس بالترويج لكتابه الجديد في جميع أنحاء البلاد، وقال إنه سيتخذ قرارًا نهائيًا بشأن الترشح في الأشهر المقبلة، مايك بنس شغل منصب حاكم ولاية إنديانا الخمسين في الفترة من 2013 إلى 2017 وكانت مرحلة ذهبية في تاريخه السياسي وذلك نظراً لما حققه من إنجازات داخل تلك الولاية، كل ما تحتاج معرفته عن هذا الرجل هو أنه رجل متدين حتى إنه لا يقبل الجلوس مع النساء بمفرده، كذلك شديد الحرص على اختيار عباراته وعدم تجريح خصومه، هذه الصفات تعد المعادلة المتكاملة للفشل مع الاستقطاب الحاد داخل واشنطن. المنافس الثالث وزير الخارجية السابق مايك بومبيو الذي قال إنه سيتخذ قرارًا بشأن الترشح للرئاسة هذا الربيع، بومبيو خريج جامعة ويستبوينت، نشر مؤخرًا كتابًا عن الفترة التي قضاها في إدارة ترمب، وكان يسافر عبر البلاد للترويج له، يمكن وصف وزير الخارجية السابق بأنه يمثل الصورة النمطية للسياسي الأميركي في العصر الذهبي ويعد الخيار الأمثل لترتيب أوراق العلاقات الخارجية مع الحلفاء الاستراتيجيين والتي أصبحت في مهب الريح، لكن يبقى السؤال هل ما زال هذا النوع من السياسيين مرغوب فيه أمام صناديق الاقتراع؟ أشك في ذلك. أخيرا وليس آخرا حاكم ولاية فلوريدا- رون ديسانتيس المنافس الأول والأخطر للرئيس السابق ترمب والذي لم يعلن قراره الأخير بالمشاركة حتى الآن، حقق ديسانتيس الفوز في ولاية فلوريدا خلال انتخابه حاكماً في انتخابات 2022 بفارق نحو 20 نقطة، ويعد ذلك انتصارًا كاسحاً، حاكم ولاية فلوريدا يتميز عن خصمه ترمب بالحنكة والدبلوماسية مع السياسيين المخضرمين داخل واشنطن الذين هم بدورهم يجدون فيه القائد الذي يمكن التعاطي معه، يتميز ديسانتيس كذلك بالحضور الإعلامي الطاغي والمتميز الأمر الذي سيكون له الأثر الاكبر خلال انتخابات 2024 العامة، كذلك الجراءة والاستعداد التام لقول رأيه بكل صراحة وتجرد، هذه الصفات سيكون لها الأثر الكبير في تقديمه كخيار أول للناخبين والنخبة داخل الحزب الجمهوري. من الآن وحتى تاريخ الانتخابات التمهيدية في 2024 قد يتغير الكثير ولكن الحقيقة التي يجب أن نسلم بها أنه لن يمنع ترمب من خوض الانتخابات وسحق منافسيه إلا توقف قلبه عن النبض. ويجب أن نضع بعين الاعتبار أنه وبالرغم من خسارة ترمب أمام بايدن في 2020 إلا أن ترمب حصل على عدد تاريخي من الأصوات سيكون مصدر إلهام له وقلق لمنافسيه.