تظاهر بضعة آلاف من السوريين أمس الأربعاء، في مدينة إدلب في شمال غرب البلاد، في ذكرى مرور 12 عاماً على انطلاق احتجاجات سلمية طالبت بأسقاط النظام، قبل تحولها نزاعاً دامياً، مؤكدين رفضهم أي "تطبيع" مع دمشق. ويدخل النزاع عامه الثالث عشر، مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت النصف مليون وعشرات الآف من المفقودين والنازحين، فيما يجري الرئيس بشار الأسد محادثات رسمية في موسكو. وقد استفاد نظامه من تضامن واسع عقب الزلزال المدمر، الذي ضرب البلاد وتركيا المجاورة الشهر الماضي. ففي مدينة إدلب، إحدى المدن الرئيسة التي لا تزال خارجة عن سيطرة القوات الحكومية، توافد مئات السوريين تباعاً، من صغار وكبار، إلى إحدى الساحات الرئيسة، حاملين رايات المعارضة السورية. ورُفعت على واجهة المباني المشرفة على ساحة التظاهر لافتات، جاء فيها "الشعب يريد إسقاط النظام" كما كتب بالانكليزية "الحرية والكرامة لجميع السوريين". وقال متظاهر قدّم نفسه باسم أبو شهيد: جئنا نحيي ذكرى الثورة، هذه الذكرى العظيمة على قلب كل سوري حر" مضيفاً " نفتخر بهذا اليوم الذي تمكنا فيه من أن نكسر حاجز الخوف، ونخرج في وجه النظام ". وبدءاً من منتصف مارس 2011، خرج عشرات آلاف من السوريين، في تظاهرات، مطالبين باسقاط نظام الأسد، لكنها سرعان ما تحولت إلى نزاع دام تنوعت أطرافه والجهات الداعمة لها. وباتت سورية ساحة لقوات روسية وأميركية وتركية ومقاتلين إيرانيين. ويأتي إحياء ذكرى الانتفاضة هذا العام بعد أكثر من شهر على زلزال مدمر، ضرب سورية وتسبّب بمقتل نحو ستة آلاف شخص في أنحاء البلاد، معمقاً من معاناة السكان، بعد سنوات الحرب التي تسبّبت بدمار البنى التحتية، واستنزاف الاقتصاد. وتلقى الأسد إثر الزلزال عدة اتصالات، من قادة وملوك ورؤساء عدداً من الدول، واستقبل موفدين أممين. وهبطت عشرات الطائرات المحملة بالمساعدات، جاء العدد الأكبر منها من دول عربية تقود جهود الإغاثة الاقليمية. ويرى محللون أن الأسد قد يجد في التضامن معه "فرصة" لتسريع تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي، وهو هدف تعمل موسكو على تحقيقه منذ سنوات. وغداة وصوله إلى موسكو، سيلتقي الأسد نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على ان تتضمن المحادثات وفق الكرملين "آفاق تسوية للوضع في سورية". ولعبت روسيا بتدخلها العسكري المباشر منذ 2015 الدور الأبرز في ترجيح الكفة لصالح قوات النظام، بعدما كانت خسرت مناطق واسعة خلال سنوات الحرب الأولى. وتثير مساعي إعادة "تعويم" نظام الأسد وتطبيع العلاقات معه غضب معارضيه. وعلى هامش مشاركتها في التظاهرة، أكدت النازحة من دمشق سلمى سيف: "لو طبّعت دول العالم كلها مع النظام، نحن مستمرون والثورة مستمرة". على بعد أمتار منها، قال علي حاج سليمان - المقعد - جراء إصابة بقصف جوي للنظام قبل سنوات: "أنا ضد التسوية مع النظام " متسائلاً "كيف أساوم من كان السبب في جلوسي على كرسي؟ لا أساومه ولا أساوم كل من يطبّع معه".