يحكي الملك سلمان بن عبدالعزيز موقفاً إنسانياً لوالده المؤسس أثناء تشييد بناء قصر المربع التاريخي، حيث قال الملك سلمان: إن والده رأى العاملين في تشييد قصر المربع يشتغلون تحت أشعة الشمس الشديدة الحرارة في نهار رمضان، وحينها سأل رئيسَ العُمال عن مواعيد عملهم، فأجابه رئيسهم قائلاً: إنهم يعملون من الصباح الباكر حتى العصر، تعجب الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بامتعاض، وقال: أنا لا أعمل بيدي، وأتنقل بالسيارة، ورغم ذلك فإنني أشعر بالعطش.. ووجهه -رحمه الله- على الفور بأن يكون عملهم في أول النهار ولمدة أربع ساعات فقط على أن يتقاضوا أجرة عمل يومٍ كامل. وفيما بعد أصبح القصر المشيد على الطراز النجدي بعد اكتمال بنيانه أيقونة معمارية شديدة البهاء، وعلامة واضحة على التوسع العمراني والتطور الحضاري في مدينة الرياض فأضفى على وجهها الجميلِ مزيداً من البريق والإشراق. ومما زاد على جماله العمراني أهمية سياسية؛ أنه أصبح ديواناً للملك عبدالعزيز -رحمه الله-، تدار فيه شؤون الدولة وترعى فيه مصالح الشعب فضلاً عن تحوله إلى مقر لاستقبال الوفود الدولية التي تزور المملكة بانتظام. وقد شهد قصر المربع صدور قرارات مهمة وتاريخية أسرعت بنهضة المملكة في مجالاتٍ شتى كقرار إنشاء وزارة الدفاع، وقرار إنشاء المدارس النظامية؛ كما اتخذ فيه قرار سك العملة الرسمية للدولة، إلى ما هنالك من قرارات وأنظمة أصبحت سبباً في نهضة الدولة والعيش الرغيد. قصة بناء قصر المربع التاريخي وما حدث في داخلها من تفاصيل إنسانية للملك عبدالعزيز أعادتها إلى أذهاننا قصة تشبهها، إنها قصة مشروع المربع الجديد الذي أعلن عنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والذي سوف يسهم في دعم الناتج المحلي غير النفطي بما يصل إلى 180 مليار ريال، وسيستحدث أكثر من 334 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، فضلاً عن مناطق سكنية تستوعب آلاف الساكنين، يعيشون في بيئة مريحة صحية تزخر بالمسطحات الخضراء ويدعمها ما يربو على 80 مرفقاً تقدم الفعاليات الترفيهية والثقافية. قصة هذا المشروع العظيم الذي يضع بناء الإنسان السعودي مقدماً على كل شيء عبر البرامج المتنوعة المعززة لجودة الحياة كأنها جاءت لتؤكد لنا أن قصة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- مع العمال المشتغلين في بناء قصر المربع التاريخي ليست نابعة من إحساسه المرهف وقلبه الرحيم فقط؛ بل هي المنهج الثابت الذي استلهمه الملك الحصيف من شرع الله الحنيف، وأسس به دولته العظيمة، وجعله مبدأ شديد الرسوخ في سياسة الدولة التي تشرع في بناء الإنسان قبل شروعها في تشييد البنيان.