عكس المنتدى السعودي للإعلام هموم وهواجس الإعلاميين والمشاكل التي تواجههم في ظل الثورة الرقمية والتقنية العالمية المتعاظمة، خصوصا أن العالم يقف حالياً أمام فوضى رقمية، والمطلوب رفع الوعي الإعلامي لتفادي انفلات التواصل الاجتماعي ومؤسسة ثقافة الإعلام الجديد. وأسدل الستار الاثنين الماضي على فعاليات المنتدى والذي عقد بحضور 1000 إعلامي دولي وإسلامي وعربي، في نسخته الثانية بعد يومين حافلين بالنقاش والعصف الذهني والبحث الجاد من خلال وجود نخبة إعلامية عالمية من صناع الرأي المتخصصين، إذ جسد المنتدى من خلال أطروحاته المتنوعة واقع الإعلام اليوم وإعلام المستقبل مع تسارع التقنيات الرقمية الجديدة وضرورة مواكبة الإعلام السعودي لهذا الواقع كاحتياج استراتيجي والتناغم السريع لتطور الوسائل الرقمية والذكاء الاصطناعي وتقنية الGBT CHAT، ووقف الفوضى الرقمية ألى جانب الضوء على الدور الذي يؤديه الإعلام التقليدي والحديث في إدارة الكوارث وتغطيتها، خصوصا أن العالم اليوم يعتمد على إعلام التطبيقات، ولا أحد يبحث عن الأخبار، ومع الذكاء الاصطناعي أصبحت الأخبار والأحداث والتعليقات تصل إلينا دون جهد منا. وحققت جلسات المنتدى وورش العمل نقلات نوعية لجهة تطوير محتوى الإعلام وتدريب منسوبي تلك الوسائل لمجاراة منصات وسائل التواصل الاجتماعي والتغيرات المستمرة في عالم الإعلام، وتدريب المؤثرين على تعلم إطار وأخلاقيات المهنة، وتأثير الذكاء الاصطناعي على العامل البشري، وقدرته على الإبداع والتعبير عند الكثير من الناس، وكذا تمكين القيادات النسائية إعلاميًا والتحديات التي تواجههن. ونجح المنتدى بامتياز نقل التطورات التي تحدث في المملكة بكافة المجالات وتطوير صناعة إعلامية متقدمة تنقل ما يحدث في الداخل إلى العالم أجمع، تماشيا مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وتميز المنتدى في جلسته الأولى بحضور سمو وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي تحدث بصراحة وشفافية عن واقع الإعلام السعودي، وما هو المطلوب لتعظيمه في المرحلة القادمة.. كما تحدث الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن تجاربه في التعامل مع الإعلام الغربي وحظيت جلسة سمو وزير الطاقة بتفاعل كبير من الحضور. وفي جلسة أخرى لوزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي في كلمته عرضاً مرئياً أبهر الحضور بأرقامه وإحصائياته حول رؤية وزارة الإعلام بوصفها الجهة المنظمة التي تضع السياسات والتعريفات وتقيس أداءها وفق معاييرها. وتضمن عرض وزير الإعلام المكلف تصنيفاً لمفهوم الإعلام الذي تراه الوزارة، ملخصاً إياه في خمسة أشكال وهي "الإعلام المسموع، والمرئي، والنشر (الصحف والكتب)، والألعاب الإلكترونية، والإعلانات"، ومعتبراً المحتوى المقدم من خلالها يمثل نموذجاً إعلامياً يجب تنميته. وفيما اعتبر هذا التعريف الذي تضمن الألعاب الإلكترونية والإعلانات أوسع مما هو متعارف عليه في تعريف المحتوى الإعلامي، وقال الدكتور ماجد القصبي إن "الإعلام كلمة فضفاضة، وعلينا أن ننظر إلى وسائل مثل تطبيقات الموسيقى والمدونات، والألعاب الإلكترونية بوصفها وسائل إعلام"، مضيفاً "الألعاب ستصبح أكبر وسيلة إعلام تؤثر في جميع الشباب، أين الشباب؟ إنهم في ألعاب الفيديو والتطبيقات الرقمية والرياضات الإلكترونية، لذلك ستكون هذه وسائل إعلام مؤثرة". وفيما يخص الصحف كشف وزير الإعلام المكلف "سيتم تخصيصها بالكامل وتتحول إلى مؤسسات مماثلة للشركات التجارية، يتم اختيار مجلس إداراتها ورئاسة تحريرها من قبل المؤسسات والمساهمين بشكل كامل كما الحال في الشركات التجارية". وحول المساهمة الاقتصادية للقطاع الإعلامي في الاقتصاد السعودي الذي يشهد نمواً في مجالاته كافة، قال الدكتور ماجد القصبي "عملنا حصراً لأكبر 20 دولة في سوق الإعلام في العالم، لم نجد لنا حضوراً متقدماً لا في الإعلام المرئي ولا المسموع ولا قطاع النشر"، مرجعاً ذلك لقلة المستثمرين الذين يفضلون الدخول فيه مما يتطلب دعماً حكومياً لمشروع تحوله. واستعرض الوزير المكلف أرقاماً تظهر حجم القطاع الإعلامي إلى الناتج المحلي الإجمالي، وجاء فيها أن مساهمة الإعلام في الناتج الإجمالي لا تتجاوز 0.4 في المئة، وكان الإعلام المرئي هو الأعلى ب0,17 في المئة، فيما يحتل الإعلام المسموع المرتبة الأخيرة ب0,4 في المئة. وحول مساهمة المؤسسات الإعلامية في خلق فرص عمل داخل البلاد، قال "هي لا تتجاوز 0.3 في المئة"، معترفا بتدني المحتوى المحلي في إجمالي المحتوى الرقمي على الإنترنت. وأكد أن التطبيق الرقمي الأكثر استخداماً هو "واتساب" ب29.5 مليون مستخدم، فيما يحتل "يوتيوب" المركز الثاني ب29.1 مليون مستخدم، و26.4 مليون لصالح "تيك توك"، و21.2 مليون مشترك في تطبيق "سناب شات"، و15.5 مليون في "تويتر"، و12.5 لدى "أنستغرام". واحتل تطبيق "فيسبوك" المركز الأخير ب 10.8 ملايين مشترك في السعودية، وهو عكس الحضور العالمي، إذ يتصدر التطبيق المملوك لمارك زكربيرغ المركز الأول ب2.9 مليار مستخدم، يليه في التصنيف العالمي "يوتيوب" ب2.4 مليار، فيما يتذيل "تيك توك" الذي أتيح للعالم في 2017 الترتيب الدولي ب1.1 مليار مستخدم. وتحدث وزير الإعلام المكلف عن التغير في قطاع الإعلام لمحة عن قطاع الإعلام في السعودية منظومة الإعلام هيئة الإذاعة والتلفزيون وكالة الأنباء السعودية الإعلام المرئي والمسموع التواصل الحكومي والدولي.. وقال إن أكثر من 12 مليار ساعة يوميًا يمضي العالم في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيما قال إن مساهمات الإعلام في المملكة دون المستوى مقارنة بالدول الأخرى.. وتحدث وزير الإعلام المكلف بشفافية عن أبرز تحديات قطاع الإعلام من خلال محدودية تمكين القطاعات الاقتصادية الأخرى وحاجة القطاع إلى صناعة محتوى إعلامي مؤثر ومحدودية المواهب، والحاجة لبرامج تدريبية متخصصة والحاجة لوضع لوائح واضحة للمستثمرين تواكب التحول السريع لقطاع الإعلام مؤكدا أن الوزارة تهدف لايجاد جيل مبدع من الشباب ومحتوى محلي رقمي جإذب للجمهور ومشاريع تحويلية وتنموية وتطويرية ومحتوى ثري ومتنوع. وتحدث الوزير القصبي عن منجزات وتطلعات هيئة الإذاعة والتلفزيون من خلال حصول هيئة الإذاعة والتلفزيون على 11 جائزة خليجية و9 جوائز عربية ونجاحها في تمكين 10 مواقع خاصة بالإذاعات الدولية تبث ب 11 لغة فضلا ارتفاع إيراد الإعلان التجاري الرقمي بنسبة 60 ٪ عن العام المالي 2021 بإطلاق إذاعة الإخبارية وإطلاق قناة ذكريات وعقد العديد من الشراكات الدولية والمحلية. وإطلاق أول معرض تقني تلفزيوني Fomex تطوير نظام الأرشيف بالذكاء الاصطناعي وتقنية الألوان والتعرف على الصوت والشخصيات بالشراكة مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي وبتحول رقمي كامل في نظام الأرشفة الرقمية برقمنة 25,374 ألف مادة والاستفادة من الفرص التي تتيحها رؤية 2030 والوصول لجميع فئات الجمهور وتطوير المواهب والشركات المحلية وتوطين الإنتاج في المملكة وتدريب المواهب ووضع السياسات والإجراءات لضمان الجودة والتركيز على وظائف ابتكار المحتوى وإدارة المنصات والتسويق والمبيعات وأيضا التركيز على إنتاجية الموظفين والاستفادة من الأصول وصناعة محتوى سعودي يعزز الهوية الوطنية دعم وتمكين صناعة المحتوى المحلي، وإعادة هيكلة الهيئة لتطوير قدرات متميزة عن المنافسين. أما فيما يتعلق منجزات وتطلعات الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع قال إن من ضمن منجزات هيئة الإعلام المرئي والمسموع اعتماد المواصفات والمقاييس للأجهزة وأكثر من 4 مليون جهاز) استقبال - إنتاج وارتفاع عدد الأنشطة بأكثر من 80 نشاط اقتصادي ذي علاقة بالإعلام وإطلاق حملات تثقيفية تصحيحية ارتفاع 400 % من عدد المرخصين وهندسة الإجراءات مع المركز السعودي للأعمال وتحويل أكثر من 32 نشاط للترخيص الفوري وإطلاق أول ترخيص من نوعه مخصص لإعلانات الأفراد) موثوق وأكثر من 4,773 ترخيصا مصدرة ورفع مستوى مكافحة قرصنة المحتوى المحلي ومكافحة وحجب 3,256 تطبيق مقرصن و43 شبكات قرصنة وارتفاع معدلات تصنيف المحتوى وأيضا ارتفاع عدد الوظائف في الإعلام أكثر من 50 ألف وظيفة في المجال الإعلامي وإطلاق هوية إعلام وإصدار قرابة 470 ألف وفسح ذاتي للمحتوى في 2022 وتصنيف 512 فيلما تجاريا واعتماد معايير التصنيف العمري وتطوير قطاع السينما افتتاح 13 دار سينما بأكثر من 10 آلاف مقعد واعداد نظام جديد لقطاع الإعلام. وتحويل المؤسسات الصحفية لمؤسسات تجارية. وتنمية الاستثمار في القطاع الإعلامي تحسين البيئة التشريعية لقطاع الإعلام. وحول منجزات وتطلعات التواصل الحكومي والدولي قال الوزير القصبي أن مبادرة كنوز حققت إنتاج 5 أفلام وثائقية وأيضا إنتاج 4 سلاسل وثائقية وخطط إنتاج 100 منتج مرئي نوعي للسنوات القادمة وسباق ميدياثون وبرنامج مهارات قوقل لموهوبين المحتوى الرقمي والمركز الإعلامي الافتراضي VPO والمؤتمر الصحفي الدوري للتواصل الحكومي وتدريب 150 شاب وشابة بالتعاون مع Google وإعداد منصة تقنية للحج 900 ومواكبة القمم التي استضافتها المملكة والزيارات الدولية للقيادة السعودية. كما شارك وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، في جلسة حوارية إضافة إلى عدد من المسؤولين في جهات عدة. وقال عدد من المشاركون في المنتدى تحدثوا ل"الرياض" تعليقا على العرض الذي قدمه وزير الإعلام المكلف أنه من الواضح أن منظومة الإعلام الرسمية ماضية نحو مزيد من المؤسسة وفق الحوكمة والشفافية كون وزير الإعلام المكلف قدم رؤية شفافة بعيدة عن الإنشائية عكست إعادة تموضع وزارة الإعلام وفق رؤية 2030 لإيصال رسالة المملكة للخارج لأهمية الإعلام وتأثيره على الرأي العام العالمي.. خصوصا أن ما حققته المملكة من سمعة مرموقة وحضور فاعل في الأوساط الدولية طيلة الفترات السابقة وحتى اللحظة، جاء نتيجة للإنجازات السياسية والدبلوماسية الكبيرة لقيادة هذه البلاد في محيطها العربي والإقليمي والدولي، والقرارات التاريخية والمصيرية التي أنجزتها واتخذتها قيادتنا بحزم وإرادة للتعاطي مع الكثير من الأحداث والمواقف التي عاشتها منطقتنا، بلغة فرضت على العالم أن يصغي ويستمع لها بمزيد من الاحترام والهيبة، هذا إلى جانب المكانة الاقتصادية الكبيرة للمملكة والتي جعلت من المملكة واحدة من دول المنظومة الاقتصادية العالمية العشرين.. وشهد المنتدى إقبالًا واسعًا من الزوار، في ظل تنوع فعالياته المصاحبة. وحظي المنتدى - الذي يعد منصة مهمة لقيادات وخبراء وباحثي صناعة الإعلام للنقاش والحوار - بمشاركة كبيرة لخبراء الإعلام من أنحاء العالم كافة؛ بهدف مواكبة التطورات، ومناقشة الرؤى والأفكار الإعلامية الحديثة وشكل أهمية كبرى في تعزيز تعزيز ونقل الخبرات وصناعة التأثير، للارتقاء بصناعة المحتوى الإعلامي. وأطلق المنتدى السعودي للإعلام أول مبادرة من نوعها لتأهيل المذيعين السعوديين، تحت عنوان "كن مذيعًا"، بمشاركة 3 من المؤسسات الإعلامية، ممثلة في هيئة الإذاعة والتلفزيون، ومجموعة MBC الإعلامية، وشبكة قنوات روتأنا، وقناة العربية. وشهد أيضا إطلاق النسخة الثانية من مبادرة المحتوى العربي، وفتح باب التقديم على المبادرة ضمن مجالات الأفلام الوثائقية، والأدب، والترجمة، والمنصات الإلكترونية، والموسيقى، والتدوين الصوتي "البودكاست"، وألعاب الفيديو المتنقلة "ألعاب الجوال". كما شهدت الجلسة الختامية للمنتدى السعودي للإعلام الأربعاء تكريم الفائزين بجائزة المنتدى التي تُقدَّم لأسماء بارزة خدمت قطاع الإعلام، محليًا وعربيًا، بحضور وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، وحشد من الإعلاميين من داخل وخارج المملكة. شاهد الحاضرون عرضاً مرئياً بعنوان "راحلون باقون"، وهو تقرير وثائقي يستذكر أبرز الإعلاميين السعوديين الذين توفاهم الله. وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون محمد الحارثي: إن تطوير الإنسان هو جوهر رؤية السعودية 2030، و"الإعلام جزء أصيل في عملية التطوير، وهو الأمر الذي شجّع على إطلاق المنتدى السعودي للإعلام"، مشيراً إلى أن تنامي الوعي الاجتماعي يتطلب من مجتمع الإعلاميين أن يواكب التغيير ويستجيب لهذا المحفز الجديد. وأكد الحارثي أن المنتدى عقد في لحظة تنموية مهمة بالنسبة إلى السعودية، "فاستخدام مفهوم حرية الإعلام لا يعني تمرير خطابات الكراهية والإساءة للأديان والرموز الدينية". وسجّل المنتدى السعودي للإعلام نجاحًا لافتًا من خلال الجلسات الحوارية والورش، وسط حضور عدد كبير من الزائرين تجاوز 10 آلاف شخص خلال يومي المنتدى. ويتطلب تعظيم مكانة المملكة وثقلها السياسي والديني والاقتصادي إعلاماً رقمياً مهنياً قوياً يعضد دور المملكة خارجيا.. كما لا يخفى أن المملكة تحتل المركز الأول عالمياً في تقديم الإعانات والمساعدات الإنسانية والاقتصادية للكثير من شعوب ودول العالم المحتاجة، كما تموّل بسخاء المنظمات الدولية التي تهتم بمواجهة الكوارث الطبيعي، إن الأهمية تستدعي إعادة صياغة مكونات السياسة الإعلامية السعودية وفق رؤية وإستراتيجية جديدة يشترك في صياغتها المتخصصون من الأكاديميين والخبرات الإعلامية، منطلقةً من استثمار المهارات والقنوات الوطنية معززة بالوسائل والأدوات المتنوعة، فضلا عن الاستفادة من الدروس، واستشراف واقعنا، ومستقبل ذلك الواقع. الوزير القصبي يستعرض خطة الوزارة آل عقران يتحدث عن تحديات الإعلام محمد الحارثي