انطلقت أمس أعمال القمة العالمية للحكومات في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"، والتي تجمع 20 رئيس دولة وحكومة، وأكثر من 250 وزيرا و10 آلاف من المسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين، وتستمر أعمالها حتى 15 فبراير بمشاركة 150 دولة. وتحتضن القمة العالمية للحكومات 2023 مجموعة من الجلسات الحوارية التفاعلية ضمن 6 محاور رئيسة تشمل: مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية، وحوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل، والتعليم والوظائف كأولويات الحكومة، وتسريع التنمية والحوكمة، واستكشاف آفاق جديدة، وتصميم واستدامة المدن العالمية. وشهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أعمال اليوم الأول من القمة. وفي جلسة حوارية قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن مصر كادت أن تضيع قبل سنوات لولا دعم الأشقاء، مشدداً على أول نقطة مضيئة لبناء الدولة المصرية هي دعم الأشقاء، موضحاً أنّ "الدولة التي تقع لا تنهض مرة أخرى". وتحدث الرئيس المصري عن العلاقات مع السعودية والإمارات والكويت، قائلاً: "لا تسمحوا للأقلام والأفكار ومواقع التواصل أن تؤثر على الأخوة بيننا". خفض التضخم وأمام حضور القمة أشارت مدير الصندوق الدولي كريستالينا جورجيفا إلى أنّ السياسات الفردية التي تقوم بها الدول لن تكون كافية لعلاج أزمة التضخم، مؤكدةً على أن السياسات المحلية ليست كافية لحل تحدٍ ملح آخر وهو تحدي الديون غير المستدامة، فعبء الديون يلقي بثقله على الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية. وأوضحت أن هذا يصيب الفئات الضعيفة أكثر من غيره، ولكنه أيضًا مشكلة مشتركة للمنطقة والعالم، لافتة إلى أنّه هنا يأتي دور العمل الجماعي، ومع وجود العديد من الدائنين من القطاعين العام والخاص، فإنه لا يمكن معالجة الديون غير المستدامة إلا من خلال التعاون متعدد الأطراف. قرارات استشرافية وخلال كلمته في جلسة "حالة العالم"؛ أكد مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي البروفيسور كلاوس شواب، ضرورة تعزيز التعاون الدولي في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية العالمية، حاثاً الحكومات على أن تكون طموحة في قراراتها واستشرافية بشكل مؤثر للمستقبل. وأوضح شواب، خلال كلمته في جلسة رئيسية حملت عنوان "حالة العالم" ضمن فعاليات اليوم الأول من القمة العالمية للحكومات 2023، أن القمة التي تنعقد تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"، هي خطوة مهمة نحو التفكير واستشراف المستقبل ومواكبة التطورات التقنية الجديدة التي تحدث بسرعة هائلة. تحولات عميقة وقال شواب: "ناقشنا قبل أسابيع قليلة خلال الاجتماعات السنوية للمنتدى الاقتصادي العالمي في مدينة "دافوس" مدى قدراتنا على التأقلم مع التحديات العالمية، وذلك في ظل وجود أزمات كثيرة ومتعددة"، مضيفاً "الحقيقة أننا نعيش في عالم يشهد تحولات عميقة، ولذلك فإننا نريد تصحيح هذه الأوضاع، وإدارة التغيير للخروج والوصول لوضع أفضل في المستقبل مقارنة مع ما نحن عليه الآن". وأشار إلى أن العالم الآن يواجه إجراءات تحولية هيكلية منظمة، من بينها التحولات الاقتصادية، والتي يؤطرها عوامل محفزة مثل التحول في مصادر الطاقة، مبيناً "أنه وعلى سبيل المثال سيكون لدينا في العام 2050 ضعف الناتج المحلي الإجمالي، بينما سيكون هناك نحو 10 مليارات إنسان بحاجة للطاقة، وفي الوقت نفسه يجب مراعاة وتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ والوصول لصفر انبعاثات كربونية". وأضاف: "هناك أيضاً تحولات سياسية، حيث إننا نتحول من عالم تهيمن عليه قوة واحدة بشكل أو بآخر، لنتجه نحو عام متعدد الأقطاب"، داعياً إلى المحافظة على أطر التعاون الدولي". تطور متسارع وأكد البروفيسور كلاوس شواب أن التحولات العالمية تشمل كذلك التطورات التقنية المتسارعة، والتي كنا نعتبرها قبل سنوات قليلة ضرباً من الخيال العلمي، فيما كل ذلك أصبح واقعاً نعيشه الآن، حيث أصبحنا نرى الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الفضاء الجديدة، والبيولوجيا الصناعية، وغيرها من التطورات التقنية التي يجب مواكبتها والاستعداد لها بشكل كبير. وقال : "إن حياتنا ستتغير بشكل كبير خلال ال10 سنوات المقبلة، بسبب هذا التطور المتسارع، ولمواجهة ذلك يجب على الحكومات أن تكون طموحة في قراراتها واستشرافية بشكل مؤثر للمستقبل، وانتهاز الفرص" . وأشار إلى أن العالم سيصبح بحالة أفضل عند تكثيف وتعزيز الجهود المشتركة والتعاون بين الجميع، إضافة إلى ذلك ينبغي على الحكومات أن تتحلى بالسرعة لمواكبة هذه التطورات الكبيرة، بحيث تمتلك قدرات استشرافية واستباقية لكي تكون في الطليعة، وإلا ستكون في الطرف الخاسر. عوامل مهمة وقال شواب "ينبغي على الحكومات أن تتأقلم بشكل سريع من خلال التطور المستمر لقدراتها، وأن تتحلى خططها بالمرونة والقدرة على العودة، لأنه بلا شك ستكون هناك مفاجآت كبرى ستظهر خلال السنوات المقبلة ولا يمكن توقعها"، مضيفاً: "أن العامل الأهم لمواجهة التغيرات المستقبلية المتسارعة، هو "القيادة"، الذي وضع لها تعريفاً خاصاً به، يعتمد على 5 أبعاد هي الروح والدماغ والقلب والعضلات والأعصاب القوية. وتطرق شواب إلى رؤية المنتدى الاقتصادي العالمي للتحديات العالمية، مشيراً إلى أن المنتدى يعمل على تعزيز التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني والإعلام .. يجب على كل هذه الأطراف التكاتف لاستشراف المستقبل. وأضاف "حكومات العالم مطالبة بامتلاك الوسائل لمواجهة السرعة الهائلة للتطورات المتلاحقة في العالم، وعليها أن تقنع مواطنيها أنها قادرة على فهم هذه المتغيرات وتعزيز ثقتهم بما تتخذه من إجراءات". الرئيس السيسي متحدثاً في القمة