توجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء إلى الضفة الغربيةالمحتلة ليلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في ختام جولة دبلوماسية مكثفة سعى خلالها لخفض التصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وحض وزير الخارجية طرفي النزاع على اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الهدوء، وسط دوامة جديدة من أعمال العنف الدامية لم تنجح الدعوات الدولية إلى وقفها. دعوة إلى خفض التصعيد واتخذت زيارة بلينكن المقرّرة منذ فترة طويلة والتي بدأها الأحد في مصر، منعطفاً مختلفاً مع تدهور شديد ومفاجئ في الوضع الأمني منذ بضعة أيام. وصرح بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد محادثاتهما "نحض جميع الأطراف الآن على اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد". وقال "نريد أن نتأكد من وجود بيئة يمكننا فيها كما آمل في مرحلة ما، أن نخلق الظروف للبدء باستعادة الشعور بالأمن للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء". والتقى في المساء نظيره الإسرائيلي ايلي كوهين والرئيس إسحق هرتسوغ. وتتواصل أعمال العنف باعثة مخاوف من الدخول في دوامة جديدة. وفي أعقاب الهجمات الأخيرة، أعلنت حكومة نتانياهو، الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، إجراءات تهدف إلى معاقبة أقارب منفّذي الهجمات. وكانت إسرائيل نفّذت الخميس عملية عسكرية في مخيم جنين في الضفة الغربيةالمحتلة قتل فيها تسعة فلسطينيين، وهو العدد الأكبر من القتلى في عملية واحدة منذ سنوات طويلة. والأحد توفي فلسطيني متأثراً بجروح أصيب بها الخميس لترتفع بذلك إلى عشرة حصيلة قتلى العملية في جنين. وشهدت القدسالشرقية السبت هجوماً جديداً حين فتح فتى فلسطيني عمره 13 عاماً النار وأصاب رجلاً وابنه بجروح، قبل أن يصاب بدوره على أيدي إسرائيليين مسلحين ويتم توقيفه. وقتل حرّاس إسرائيليون الأحد فلسطينياً في الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967. والإثنين، قتلت القوات الإسرائيلية فلسطينياً في الخليل في الضفة الغربية، وفقاً للسلطات الفلسطينية. محاور مصري وبدأ بلينكن جولته في مصر التي تلعب تقليديا دور الوسيط بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني. يعتبر المراقبون أنّ هامش المناورة المتاح لوزير الخارجية الأميركي يبقى محدوداً ولم يخف مسؤولون أميركيون في الأحاديث الخاصة استياءهم من التصعيد والطريق المسدود الذي وصل إليه النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وفيما من المتوقّع إحراز تقدّم ضئيل على مستوى خفض التصعيد، تسعى واشنطن إلى التواصل مجددا مع نتانياهو الذي أدت حكومته اليمين الدستورية نهاية العام الماضي. وفي هذا السياق، قام عدة مسؤولين أميركيين مؤخرا بزيارات إلى القدس، كما يتحدث بعض الخبراء عن زيارة محتملة لنتانياهو إلى البيت الأبيض في فبراير. من جهة أخرى، عمّ الإضراب والعصيان المدني، الثلاثاء، بلدة جبل المكبر شرقي القدسالمحتلة، رفضًا لقرارات سلطات الاحتلال التي تهدّد بهدم عشرات المنازل. وفي ساعات الصباح الباكر، وضع الأهالي الحجارة والإطارات المشتعلة، وسكبوا الزيوت على مداخل وشوارع بلدة جبل المكبِّر، لمنع جرافات الاحتلال والقوات من دخولها. وسبق إبلاغ عائلة بشير بعملية الهدم، هدم لثلاثة منازل لعائلة مطر ومنشأة تجارية في البلدة خلال اليومين الماضييْن، كما وأغلقت سلطات الاحتلال منزل الشهيد خير علقم في القدس، بينما تمكنت عائلة من تجميد قرار منزلها خلال وجود القوات والجرافات لتنفيذه. وأعلنت مدارس قرية الشيخ سعد بالقدس الإضراب وتعليق الدوام احتجاجًا على سياسة هدم بيوت المقدسيّين. وكانت عشائر عرب السواحرة والحراك الشبابي أعلنت عن الاضراب الشامل في بلدة جبل المكبر، جاء في البيان: "تطل علينا سلطات الاحتلال بقرارات جائرة ضاربة بجبروتها عرض الحائط غير مكترثة لأي أحد، تهدم البيوت وتشرّد الأطفال والنساء في العراء، تهدم اليوم هنا وغدًا هناك". وأكدت العشائر والحراك الشبابي أن الاضراب يشمل كل مناحي الحياة في البلدة "العمال، المخابز، المحلات التجارية، المطاعم، والمدارس"، باستثناء الصيدليات والمراكز الطبية. وأصدر وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية المتطرّف إيتمار بن غفير، مؤخرًا تعليماته بتنفيذ عمليات هدم للمنشآت غير المرخصة في القدس. من جهة ثانية، أعطب مستوطنون متطرفون، فجر الثلاثاء، إطارات مركبات فلسطينية، وخطوا شعارات عنصرية على منازل فلسطينيين، في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية. وقالت مصادر محلية، إن عددًا من مستوطنين اقتحموا المنطقة الصناعية في البيرة، وأعطبوا إطارات خمس مركبات لمجموعة من الفلسطينيين. وأوضحت المصادر، أن المستوطنين خطوا شعارات عنصرية على جدار منازل عوائل "الحجة، والبدوية، والشافعي"، ومن هذه الشعارات الدعوة إلى "قتل العرب". ويتوزع نحو 666 ألف مستوطن في 145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس، وفق بيانات لحركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية. كما اعتدت قوات القمع في سجن "الدامون"، صباح الثلاثاء، على الأسيرات الفلسطينيات، ورشوا عليهن الغاز المسيل للدموع، وفي رد فعل احتجاجي على القمع، أحرقت الأسيرات بعض غرف السجن، وفق ما نقلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين. وكان قد قرر الأسرى في سجن "عوفر" إرجاع وجبات الطعام منذ الأحد الماضي، وإغلاق الأقسام ووقف كافة إجراءات الحياة الاعتقالية اليومية التي يفرضها واقع الحياة داخل الأسر؛ حسب ما أورد نادي الأسير الفلسطيني.