تتميز رواية «جريمة القديس ألبرتو» للكاتب الأرجنتيني «فرناندو سورينتينو» بحس الفكاهة الذي يحول لحظات الاضطهاد النفسي التي يمر بها «ألبرتو لينتيني» إلى أفكار، وكل فكرة تبدأ في تشكيل جزء من رسم لا نهاية له، مما يجعل القارئ مندهشاً مما حدث، ومشدوداً بما يحدث ومترقباً لما سيحدث «التوتر السردي»، حيث نرى ألبرتو يذل نفسه إلى درجة مضحكة وممتعة، ونتذوقها في وصفه لصديقته مابيل إستر فيرير «الهيكل العظمي الذي تتدلى عليه أثواب جنائزية قديمة». تتحدث الرواية بضمير المتكلم على لسان بطلها والشخصية البائسة إلى حد ما «ألبرتو لينتيني»، وهذا ما يمنح القارئ إحساساً بحضورها، ليكشف لنا عن طيات نفسه وليعريها بصدق ويفضح نواياها، متخذاً من نفسه ومن غيره موضوعاً لسرده، يحكي عن نفسه ويقول: أنا: ألبرتو لينتيني الكئيب والسطحي، ألبرتو لينتيني: المعطل، الذي لم يفعل أي شيء، الذي يود لو كان خلاف ذلك. بعبارة أدق، وجودي هو سلسلة من لا أفعال، وإمكانات محبطة، وأفكار غير محسومة». وفي نهاية الرواية يعري ألبرتو نفسه من خلال وصفه للرواية التي كتباها صديقه فيديريكو والتي تحمل العنوان نفسه «جريمة القديس ألبرتو»: «ليس من المنطقي بتاتًا إجراء مقارنات؛ لهذا السبب لم أرغب حتى في قراءة كلمة واحدة من رواية فيديريكو. أنا أعلم تماما أنه على الرغم من أن نصه المدمر ونصي السليم يشتركان في العنوان ذاته، فإن نص فيديريكو، سيكون متفوقاً كالمعتاد». ما جريمة القديس ألبرتو؟ وهل هو قديس فعلاً؟ وما علاقته بفيديريكو وعلاقته بمارتا، وعلاقتهم بالجريمة؟ ولكن، هل هي جريمة حقاً؟ رواية جميلة بنهاية مدهشة، مؤلمة وتدفعك للضحك «كوميدية سوداء»، يقول المؤلف: «حين أشرع في كتابة قصة، أكون راغباً فقط في كتابة قصة. حين أكتب قصة، لا أتعمد الترميز أبداً، ولا أسعى لإبداع قصة مجازية، ولا أحاول بناء أي استعارة تمثيلية؛ فأنا فقط أريد أن أكتب قصة».